١٩١١- وَكُلُّ أُنَاسٍ قَارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ | وَنَحْنُ خَلَعْنَا قَيْدَهُ فَهْوَ سَارِبُ |
فصل
المعنى : إن الأخَ يَسْتغْرِق ميراث الأخْتِ، إن لم يكُن للأخْتِ ولدٌ، فإن كان لها ابْنٌ، فلا شيء للأخ، وإن كان ولدُهَا أنْثَى، فللأخِ ما فضُل عن فَرْضِ البَنَاتِ، وهذا في الأخ للأبَوَيْنِ أو [ الأخِ ] للأب، فأما الأخ للأمِّ؛ فإنه [ لا يَسْتَغْرِقُ الميراثَ، ويَسْقُط بالوَلَدِ ].
قوله تعالى :﴿ فَإِن كَانَتَا اثنتين ﴾ الألف في « كَانَتَا » فيها أقوال :
أحدها : أنها تعود على الأختين يدلُّ على ذلك قوله :« ولَهُ أختٌ »، أي : فإن كانت الأختان اثنتين، وقد جَرَتْ عادةُ النحويّين أن يسألوا هنا سؤالاً، وهو أنَّ الخبر لا بُدَّ أن يفيد ما لا يفيدُهُ المبتدأ، وإلاَّ لم يكنْ كلاماً، ولذلك منعُوا :« سيِّدُ الجَارِيَةِ مالِكُهَا » ؛ لأن الخبر لم يَزِدْ على ما أفاده المبتدأ، والخبرُ هنا دَلَّ على عدد ذلك العدد مستفادٌ من الألف في « كَانَتَا »، وقد أجابوا عن ذلك بأجْوبَةٍ منها : ما ذكره أبو الحسن الأخْفشُ وهو أنَّ قوله « اثْنَتَيْن » يدلُّ على مجرَّد الاثْنَيْنيَّة من غير تقييدٍ بصغير أو كبير أو غير ذلك من الأوصاف، يعني أن الثُّلثين يستحقَّان بمجرَّد هذا العدد من غير اعتبار قيدٍ آخر؛ فصار الكلام بذلك مُفِيداً، وهذا غيرُ واضحٍ؛ لأنَّ الألفَ في « كَانَتَا » تدلُّ أيضاً على مجرَّد الاثْنينيَّة من غير قيد بصغير أو كبير أو غيرهما من الأوصاف، فقد رجع الأمرُ إلى أنَّ الخبر لم يُفِدْ غير ما أفادَهُ المبتدأ، ومنها : ما ذكرَهُ مكي عن الأخْفَشِ أيضاً، وتبعه الزمخشريُّ وغيره؛ وهو الحَمْلُ على معنى « مَنْ »، وتقريرُه ما ذكره الزمخشريُّ؛ قال رحمه الله :« فإن قلت : إلى مَنْ يرجعُ ضميرُ التثنية والجمع في قوله :» فإنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ، وإنْ كَانُوا إخْوة « ؟ قلتُ : أصلُه : فإن كان مَنْ يَرِثُ بالأخوَّة اثْنتين، وإن كان من يرثُ بالأخوَّة ذكوراً وإناثاً، وإنما قيل :» فإنْ كَانَتَا، وإن كَانُوا « كما قيل :» مَنْ كَانَتْ أمَّكَ «، فكما أنَّث ضمير » مَنْ « لمكان تأنيث الخبر كذلك ثَنَّى وجمع ضميرَ مَنْ يرث في » كَانَتَا « و » كَانُوا « ؛ لمكانِ تثنية الخبر وجمعه »، وهو جوابٌ حسن.