والثَّاني : محذوف تقديره : يورث هو مَالَهُ، وَهَلْ هذا الفِعلُ من « ورث » الثُّلاثي أو « أورث » الرُّبَاعيُّ؟.
فيه خلافٌ، إلاَّ أنَّ الزَّمَخْشَرِيُّ لَمَّا جَعَلَهٌُ مِنَ الثُّلاثي جعله يتعَدَّى إلى [ المفعول ] الأوَّلِ من المفعولين ب « من » فإنَّهُ قال [ وإن كان رجل يورث من كلالة ] و « يورث » من وَرِثَ أي : يورث فيه يعني أنَّهُ في الأصْلِ يتعدَّى ب « مِنْ ». [ قال :] وقد تُحْذَفُ، تقولُ :« وَرِثْتُ زَيْداً مَالَهُ » أي : مِنْ زَيْد، ولَمّا جَعَلَهُ الرَّجُلَ وارثاً لا موروثاً، فإنَّهُ قال :« فإنْ قلتَ : فإن جَعَلْتَ تُورَثُ على البناء للمفعول من » أورث « فما وَجْهُهُ ».
قلتُ : الرَّجُلُ حينئذٍ الوارثُ لا الموروثُ «.
وقال أبُو حيَّان : إنَِّه من » أورث « الرُّباعِيِّ المبنيِّ للمفعول، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بالمعنى الذي قيده به الزَّمَخْشَرِيُّ.
الاحتمالُ الثَّاني : أن يكون الخبرُ الجملة من » يورث «.
وفي نَصْبِ ﴿ كَلاَلَةً ﴾ أربعةُ أوْجُهٍ :
أحدها : أنَّهُ حال من الضمير في » يورث «، إنْ أُرِيدَ بها الميِّتُ، أو الوارثُ، إلاَّ أنَّهُ يَحْتاج في جَعْلها بمعنى الوارث إلى تقدير مضافٍ، أي : يُورث ذا كَلاَلَةٍ؛ لأنَّ الكلالة حينئذٍ ليست نفس الضَّمير المستكن في ﴿ يُورَثُ ﴾.
قال أبُو البَقَاءِ : على جعلها بمعنى الميت ولو قُرِئَ » كلالةٌ « بالرَّفع على أنَّهَا صفةٌ أو بدلٌ من الضَّميرِ في ﴿ يُورَثُ ﴾ لجاز، غير أنِّي لم أعرف أحداً قَرَأ به، فلا يُقْرأنَّ إلا بما نُقِلَ. يعني بكونها صفةً : أنَّهَا صفةٌ ل » رَجُل «.
الثَّاني : أنَّهَا مفعولٌ من أجله، إنْ قيل : إنَّهَا بمعنى القرابة، أي : يُوْرَثُ لأجل الكلالة.
الثَّالثُ : أنَّهُ مفعول ثَانٍ ل ﴿ يُورَثُ ﴾ إن قيل : إنَّها بمعنى المال المَوْرُوثِ.
الرَّابعُ : أنَّها نعتٌ لمصدر محذوفٍ، إن قيل : إنَّهَا بمعنى الوِرَاثَةِ، أي : يُورَثُ وِرَاثَةَ كَلاَلَةٍ.
وقدَّرَ مَكِّيٌّ في هذا الوجه حَذْفَ مضافٍ تقديره :» ذَات كَلاَلَةٍ «.
الوجه الثَّاني من وجهي » كان « أن تكون تَامَّةً، فيُكْتَفى بالمرفوع، أي : وإن وُجِدَ رجل. و ﴿ يُورَثُ ﴾ في محلِّ رفع صِفَةٍ ل » رَجُل « و ﴿ كَلاَلَةً ﴾ منصوبةٌ على ما تَقَدَّمَ من الحال، أو المفعول من أجله أو المفعول به، أو النَّعت لمصدرٍ محذوف عَلَى ما قُرِّرَ من معانيها، وَيخُصُّ هذا وجه آخر ذكره مَكيٌّ، وهو أن تَكُونَ ﴿ كَلاَلَةً ﴾ منصوبة على التمييزِ.