فصل
وتفسير المعنى على وجوه الإعْرَاب المتقدمة. قال ابن الخطيب فإن قيل : كيف تنقم اليهود على المسلمين وكون أكثرهم فاسقين.
فالجواب أنه كالتعريض؛ لأنهم لم يتبعوهم على فسقهم أي : أنْ آمَنَّا، وما فسقنا مثلكم وهو كقولهم :« ما تنقم مني إلا أنِّي عفيف، وأنت فَاجِرٌ »، على وجه المقابلة، أو لأن أحد الخصمين إذا كان متصفاً بصفات حميدة وخصمه بضد ذلك كان ذكر صفات الخير الحميدة مع صفات خصمه الذميمة أشد تأثيراً ونكاية مِنْ ألاَّ يذكر الذميمة، فتكون الواو بمعنى « مع » أو هو على حذف مضاف أيْ : واعتقاد أن أكثركم فاسقون، والمعنى : بأن أكثركم فاسقون نقمتم الإيمان علينا.
أو تعليل معطوف على محذوف كأنه قيل : نقمتم لقلة إنصافكم ولأن أكثركم فاسقون.
فصل
اليهود كلهم فُسَّاقٌ وكُفَّارٌ فَلِمَ خُصَّ الأكثر بوصف الفسق؟ فالجواب من وجهين :
الأول : يعني أنْ أكثركم إنَّمَا يقولون [ ما يقولون ] ويفعلون ما يفعلون طلباً للرياسة، والجاه وأخذ الرشوة، والتقرب إلى الملوك، فإنَّهُمْ في دينهم فُسَّاقٌ لا عُدولٌ، فإن الكافر المبتدع قد يكون عادلاً في دينه، وفاسقاً في دينه، ومعلومٌ أن كلهم ما كانوا كذلك فلهذا خص أكثرهم بهذا الحكم.
الثاني : ذكر أكثرهم لِئلاَّ يظن أن من [ آمن منهم داخل في ذلك ].