والثاني : أن تكونَ هي نفسُها واوَ الحال؛ وعلى هذا : يكونُ في الآية الكريمة حجةٌ لمن يُجِيزُ تعدُّدَ الحال لذي حالٍ مفردٍ من غير عطف، ولا بدل إلا في أفعلِ التفضيل، نحو :« جَاءَ زَيْدٌ ضَاحِكاً كَاتِباً » ؛ وعلى الأول : لا يجوزُ ذلك إلا بالعطفِ أو البدلِ، وهذا شبيهٌ بالخلاف في تعدُّد الخبر.
قوله تعالى :« وإذا جَاءُوكم » يعني : هؤلاء المُنَافِقِين وقيل : هُم الذين آمَنُوا بالذي أنْزِلَ على الَّذِين آمَنُوا وجْهَ النَّهار، دَخَلوا على النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم -، وقالوا : آمَنَّا بِكَ وصدَّقْنَاك فيما قُُلْتَ، وهُمْ يُسِرُّون الكُفْر.
﴿ وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ ﴾ أي : دخلوا كافِرِين وخرَجُوا كافِرِين، واللَّه أعلَمُ بما يَكْتُمُون، والغرض منه : المُبَالَغَةُ فِيمَا في قُلُوبِهِم من الجدِّ والاجتِهَادِ في المكر بالمُسْلِمِين، والكَيْدِ والبُغْضِ والعَداوَةِ لهم.
قالت المُعْتَزِلَةُ : إنَّه تعالى أضَافَ الكُفْرَ إليْهِم حالَتَي الدخُول والخُرُوج على سبيل الذَّمِّ، وبالَغَ في تَقْرِيرِ تِلْكَ الإضَافَةِ بقوله :﴿ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ ﴾، فدلَّ هذا على أنَّه من العَبْدِ لا من اللَّه تعالى.
والجوابُ : المُعارضَةُ بالْعِلْمِ والداعي.


الصفحة التالية
Icon