وقيل : يجوز أن يعود على « أشْيَاء » لفظاً لا معنًى؛ كما قال النحويُّون في مسألة :« عِنْدِي دِرْهَمٌ ونِصْفُهُ »، أي : ونِصْفُ دِرْهَمٍ آخَرَ، ومنه :[ الطويل ]

٢٠٥٦- وَكُلُّ أُناسٍ قَارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ ونَحْنُ خَلَعْنَا قَيْدَهُ فَهُوَ سَارِبُ

فصل


وقرأ النَّخَعِيُّ :« سَالَهَا » بالإمالة من غير همزٍ وهما لغتان، ومنه يتساولان فإمالتُه ل « سَألَ » كإمالة حمزة « خَافَ »، وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك في البقرةِ عند قوله ﴿ فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ ﴾ [ البقرة : ٦١ ] و ﴿ سَلْ بني إِسْرَائِيلَ ﴾ [ البقرة : ٢١١ ].
قال المُفَسِّرُون : يَعْنِي قوْمَ صَالِح، سَألُوا النَّاقَةَ ثُمَّ عَقَرُوهَا، وقومَ مُوسى، قالوا : أرنَا اللَّهَ جَهْرةً، فصارَ ذلِكَ وَبَالاً عليهم، وبَنُوا إسْرَائيل قالوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ :﴿ ابعث لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٤٦ ] وقالوا :﴿ أنى يَكُونُ لَهُ الملك عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بالملك مِنْهُ ﴾ [ البقرة : ٢٤٧ ] فسَألُوا ثمَّ كَفَرُوا، فكأنَّه تعالى يَقُول : أولَئِكَ سَألُوا، فلما أعْطُوا سُؤلَهُم ساءَهُم ذلك، فلا تَسْألوا شيئاً فَلَعَلُّكم إنْ أعطيتُمْ سُؤلكم، ساءكم ذلك.
قوله :« مِنْ قَبْلِكُمْ » متعلق بقوله :« سَألَهَا »، فإنْ قيل : هَلْ يجوزُ أن يكون صفةً ل « قوم » ؟ فالجواب : منعَ من ذلك جماعة معتلِّين بأنَّ ظَرْفَ الزمان لا يقعُ خبراً، ولا صفةً، ولا حالاً عن الجُثَّة، وقد تقدَّم نحوُ هذا في أوَّلِ البقرة عند قوله :﴿ والذين مِن قَبْلِكُمْ ﴾ [ البقرة : ٢١ ]، فإنَّ الصلةَ كالصفة، و « بِهَا » متعلِّق ب « كَافرينَ »، وإنما قُدِّم لأجْلِ الفواصل.


الصفحة التالية
Icon