، قال ابن المبارك : وزادني غيره، قالوا : يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال : أجرُ خمسين منكم.
فإن قيل : ظَاهِرُ الآيةِ يُوهِمُ أنَّ الأمر بالمَعْرُوفِ، والنَّهْي عن المُنْكَرِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
فالجَوَابُ من وُجُوهٍ :
أحدها : أنَّ الآيَةَ لا تَدُلُّ على ذلك، بل تَدلُّ على أنَّ المُطِيعَ لا يُؤاخَذُ بِذُنُوبِ العَاصِي، وأمَّا وُجُوب الأمْرِ بالمَعْرُوفِ، فَثَبت بما تقدَّم من الدَّلائلِ وغَيْرِها.
وثانيها : أنَّ الآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بالكُفَّار المُصرِّين على الكُفْرِ، ولا يَتْرُكُون الكُفْر بسببِ الأمْر بالمَعْرُوفِ، فَهَهُنَا يَجِبُ على الإنْسَانِ مُخَالَفَةُ الأمْرِ بالمَعْرُوفِ.
وثالثها : أنَّ الآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا إذا خَافَ الإنْسَانُ عند الأمْرِ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ على نَفْسِهِ وعِرضه وماله.
ورابعها : المعنى : لا يَضُرُّكُمْ إذا اهْتَدَيْتُم، فأمَرْتُمْ بالمَعْرُوف ونَهَيْتُم عَنِ المُنْكَر ضلالُ مَنْ ضَلَّ، فَلَمْ يقبَل ذَلِكَ.
وخامسها : أنَّه تعالى قال لرسوله ﷺ :﴿ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ ﴾ [ النساء : ٨٤ ]، وذَلِكَ لم يَدُلَّ على سُقُوطِ الأمْرِ بالمَعْرُوف عن الرَّسُولِ، فَكَذَا هَاهُنَا.
ثم قال تعالى :﴿ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ﴾، أي : الضَّال والمُهْتَدِي ﴿ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي يُجَازيكُمْ بأعمالِكُمْ.