فإن قيل : أيُّ فائِدَةٍ في هذا السُّؤال، فالجوابُ : توبيخُ قَوْلِهم كقوله :﴿ وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ﴾ [ التكوير : ٨، ٩ ]، المَقْصُودُ مِنْهُ تَوْبِيخُ من فعل ذَلِك الفِعْلَ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغيوب ﴾، كقوله :﴿ إِنَّكَ أَنْتَ العليم الحكيم ﴾ في البقرة [ ٣٢ ]. والجمهورُ على رفع « عَلاَّمُ الغُيُوبِ »، وقرئ بنصبه، وفيه أوجهٌ ذكرها الزمخشريُّ وهي : الاختصاصُ، والنداءُ، وصفةٌ لاسم « إنَّ » ؛ قال :« وقُرئ بالنصْب على أنَّ الكلامَ قد تَمَّ عند قوله » إنَّكَ أنْتَ «، أي : إنَّكَ الموصوفُ بأوصَافِكَ المعرُوفة من العلمِ وغيره، ثم انتصَبَ » علاَّمَ الغُيُوبِ « على الاختصاصِ، أو على النداء، أو هو صفةٌ لاسْمِ » إنَّ «، قال أبو حيان :» وهو على حذفِ الخبر لفهم المعنى، فَتَمَّ الكلامُ بالمقدَّرِ في قوله « إنَّك أنْتَ »، أي : إنَّك الموصوفُ بأوصافِكَ المعروفةِ من العلمِ وغيره «، ثم قال :» قال الزمخشريُّ : ثم انتصبَ، فذكره إلى آخره « فزعمَ أنَّ الزمخشريَّ قدَّر ل » إنَّكَ « خبراً محذوفاً، والزمخشريُّ لا يريد ذلك ألبتة ولا يَرْتضيه، وإنما يريدُ أنَّ هذا الضمير بكونه لله تعالى هو الدالُّ على تلك الصفات المذكورة، لا انفكاكَ لها عنه، وهذا المعنى هو الذي تقتضيه البلاغةُ، والذي غاصَ [ عليه ] الزمخشريُّ - رحمه الله - لا ما قدَّره أبو حيان مُوهِماً أنه أتى به من عنده، ويعني بالاختصاص النَّصْبَ على المدْحِ، لا الاختصاصَ الذي هو شبيه بالنداء؛ فإنَّ شرطه أن يكون حَشْواً، ولكنَّ أبا حيَّان قد ردَّ على أبي القاسمِ قوله » إنه يجوزُ أن يكون صفةً لاسم إنَّ « بأنَّ اسمها هنا ضميرُ مخاطبٍ، والضمير لا يوصفُ مطلقاً عند البصريِّين، ولا يوصَف منه عند الكسائيِّ إلا ضميرُ الغائبِ؛ لإبهامه في قولهم » مَرَرْتُ بِهِ المِسْكِينِ «، مع إمكان تأويله بالبدلِ، وهو ردٌّ واضحٌ، على أنه يمكن أن يقال : أراد بالصفةِ البدل، وهي عبارةُ سيبويه، [ يُطْلِقُ الصفةَ ويريد البدل، فله أسْوَةٌ بإمامه، واللازمُ مشترك، فما كان جواباً عن سيبويه ]، كان جواباً له، لكن يَبْقَى فيه البدلُ بالمشتقِّ، وهو أسهلُ من الأول، ولم أرَهُمْ خرَّجُوها على لغةِ مَنْ ينصِبُ الجزأيْنِ ب » إنَّ « وأخواتِها؛ كقوله في ذلك :[ الرجز ]
٢٠٧٩- إنَّ الْعَجُوزَ خَبَّةً جَرُوزَا... وقوله :[ الطويل ]

٢٠٨٠-.......................... .............. إنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدَا
وقوله :[ الكامل ]


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
٢٠٨١- لَيْتَ الشَّبَابَ هُوَ الرَّجِيعَ عَلَى الْفَتَى ..............................