٢٠٩٥- وَشَوْهَاءَ تَغْدُو بي إلى صَارِخ الوَغَى بِمُسْتَلْئِمٍ مِثْلِ الفَنِيقِ المُدَجَّلِ
وقول الآخر :[ البسيط ]
٢٠٩٦- بِكُمْ قُرَيْشٍ كُفِينَا كُلَّ مُعْضِلَةٍ وأمَّ نَهْجَ الهُدَى مَنْ كَانَ ضِلِّيلا
وفي الحديث :« أتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ نَفَرٌ مِنَ الأشْعَرِيين » والبصريون يُؤوِّلونَ جميعَ ذلك، أمَّا الآية الكريمة فعلى ما تقدَّم في الوجه الأول، وأمَّا « حُمَيْداً »، فمنصوبٌ على الاختصاص، وأمَّا « بِمُسْتَلئم »، فمن باب التجريدِ، وهو شيءٌ يعرفه أهلُ البيانِ، يعني أنه جَرَّد من نفسه ذاتاً متصفةً بكذا، وأمَّا « قُرَيْشٍ » فالروايةُ بالرفع على أنه منادى نُوِّنَ ضرورةً؛ كقوله :[ الوافر ]
٢٠٩٧- سَلاَمُ اللَّهِ يَا مَطَرٌ عَلَيْهَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ يَا مَطَرُ السَّلامُ
وأمَّا « نفرٌ »، فخبر مبتدأ مضمرٍ، أي : نَحْنُ، ومنع ذلك بعضهم، إلا أنْ يُفيدَ البدلُ توكيداً، وإحاطة شمولٍ، واستدلَّ بهذه الآيةِ، وبقول الآخر :[ الطويل ]
٢٠٩٨- فَمَا بَرِحَتْ أقْدَامُنَا فِي مُقَامِنَا ثَلاَثَتِنَا حَتَّى أزيرُوا المَنَائِيَا
بجر « ثَلاَثِينَا » بدلاً من « نَا »، ولا حُجَّة فيه؛ لأنَّ « ثَلاَثَتِنَا » توكيدٌ جارٍ مَجْرى « كُلّ ».
قال القُرْطُبِي : وقرأ زَيْدُ بن ثابتٍ :« لأولَيْنَا وأُخْرَيْنَا » على الجَمْعِ قال ابنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - : يَأكُلُ منهما آخرُ النَّاس كما يَأكُل أوَّلهُم.
قوله :« وآيةً » : عطف على « عيداً »، و « منك ».

فصل


رُوِي أنَّ عيسى - عليه السلام - اغتسلَ ولبس المسْحَ، وصلَّى ركْعَتَيْن، فَطَأطَأ رَأسَهُ، وغضَّ بصرَهُ وبَكَى وقال :« اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا » أي : عائِدَة من الله علينا حُجَّةً وبُرْهَاناً، والعيدُ يومُ السُّرورِ، سُمِّي به لِلْعَوْدِ من التَّرَحِ إلى الفَرَح، وهو اسم لما اعتدته يَعُودُ إليك، وقد تَقدَّم.
وقال السدي : مَعْنَاهُ يُتَّخَذُ اليومُ الذي أنْزِلَتْ فيه عِيداً لأوَّلنا لأهلِ زماننا، وآخرنا لمن يجيء بَعْدَنا.
وقال ابنُ عباسٍ : يأكلُ منها آخِرُ النَّاسِ كما أكَلَ أوَّلُهُم.
قوله :« وآيةً مِنْكَ » دِلاَلَةً وحُجَّةً.
قيل : نَزَلَتْ يوم الأحد، فاتَّخَذَهُ النَّصَارى عِيداً. وقوله « وارْزُقْنَا » أي : طعاماً نَأكُلُه ﴿ وَأَنتَ خَيْرُ الرازقين ﴾.


الصفحة التالية
Icon