ويحتمل أن تكون داخلَةً في حيَّزه فلا مَحَلّ لها حينئذٍ، و « أخرى » صفةٌ ل « آلهة » ؛ لأن ما لا يَعْقِل يُعَامَلُ جَمْعُهُ مُعاملةَ الوحداةِ المؤنّثة، كقوله :﴿ مَآرِبُ أخرى ﴾ [ طه : ١٨ ]، و ﴿ وَللَّهِ الأسمآء الحسنى ﴾ [ الأعراف : ١٨٠ ] كما تقدَّم.
قوله :« إنَّمَا هُوَ إلَهٌ واحِدٌ » [ يجوز ] في « ما » هذه وجهان :
أظهرهما : أنها كافَّةٌ ل « إنَّ » عن عملها، و « هو » مبتدأ، و « إله » خبر، و « واحد » صفته.
والثاني : أنها مَوْصُولَةٌ بمعنى « الذي »، وهو مبتدأ، و « إله » خبره، وهذه الجملةُ صَلَةٌ وعائد، والموصول في مَحَلِّ نصب اسماً ل « إن » و « واحد » خبرها.
والتقدير : إنَّ الذي هو إله واحد، ذكره أبو البقاء، وهو ضعيف، ويَدُلُّ على صِحَّةِ الوجه الأوَّلِ تعيُّنُه في قوله تبارك وتعالى :﴿ إِنَّمَا الله إله وَاحِدٌ ﴾ [ النساء : ١٧١ ]، إذ لا يجوز فيه أن تكون مَوْصُولَةً لخلوِّ الجملة عن ضمير الموصول.
وقال أبو البقاء في هذا الوَجْهِ : وهو ألْيَقُ مما قبله.
قال شهابُ الدِّين :- رضي الله عنه- : ولا أدري ما وجه ذلك؟

فصل فيما تفيده الآية


أعملم أنَّ هذا الكلام دَلَّ على إيجاب التَّوحيدِ، والبراءةِ من الشِّرْكِ من ثلاثة أوجه : أولها : قوله :« قُلْ لا أشْهَدُ » بما تذكرونه من إثبات الشّثرَكَاءِ.
وثانيها : قوله :« قُلْ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ »، وكلمة « إنَّمَا » تفيد الحَصْرَ، ولفظ الواحد صريحٌ في التوحيد، ونفي الشركاء.
وثالثها : قوله تبارك وتعالى :﴿ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴾، وفيه تصريح بالبراءة عن إثبات الشُّرَكَاءِ.
قال العلماء : يُسْتَحَبُّ لمن أسلم ابتداءً أن يأتي بالشهادتين، ويبرأ من كل دينٍ سوى دين الإسلام.
ونصَّ الشَّافعي - رحمه اله تعالى- على استحباب ضَمَّ التَّبَرِّي إلى الشهادة، كقوله تبارك وتعالى :﴿ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ عقيب التّصريح بالتوحيد.


الصفحة التالية
Icon