لمَّا بَيَّنَ خُسْرَانَ المنكرين في الآية الأولى بَيَّنَ في هذه الآية الكريمة سَبَبَ ذلك الخسران وهو أمران.
أحدهما : الافتراء على اللَّه كذباً، وهذا الافتراءُ يحتمل وجوهاً :
أحدهما : أن كُفَّار « مكة » المشرفة كانوا يقولون : هذه الأصنام شركاء الله، اللَّهُ أمرهم بعبادتها، وكانوا يقولون : الملائكة بَنَاتُ اللَّهِ.
وثانيها : أنَّ اليهود والنَّصارى كانوا يقولونك حصل في التَّوْراة والإنجيل أن هاتيْنِ الشريعيتين لا يَتَطَرَّقُ إليهما النَّسْخُ والتغييرُ.
وثالثها : ما حكاه تعالى عنهم بقوله :﴿ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا والله أَمَرَنَا بِهَا ﴾ [ الأعراف : ٢٨ ].
ورابعها : قوله اليهود :﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُه ﴾ [ المائدة : ١٨ ] وقولهم :﴿ لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً ﴾ [ البقرة : ٨٠ ] وقول جُهَّالِهِمْ :﴿ إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآء ﴾ [ آل عمران : ١٨١ ] ونحوه.
الأمرُ الثاني من أسباب خسارتهم؛ تكذيبهم بآيات الله تعالى : وقدحُهُمْ في معجزات محمد - ﷺ - وإنكارهم كون القرآن العظيم معجزةً قاهرةً منه، ثم إنَّه لمَّا حكى عنهم سبب هذين الأمرين قال :﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون ﴾، أي : الكافرون - أي لا يَظْفَرُونَ بِمطَالِبهمْ في الدنيا ولا في الآخرة.


الصفحة التالية
Icon