قال تعالى :﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص ﴾ [ يوسف : ٣ ].
ورجَّحَ أبُو عَمْرِو بْنُ العلاءِ القراءة الأولى بقوله :« الفَاصِلينَ » وحُكِيَ عنه أنه ق :« أهُوَ يَقُصُّ الحقَّ أوْ يَقْضِي الحقَّ » فقالوا :« يَقُصُّ » فقال : لو كان « يَقُصُّ » لقال :« وهو خيرالقاصَّين » أقَرَأ أحَدٌ بهذا؟ وحيث قال : وهو خير الفاصلين فالفَصْلُ إنما يكون في القضاءِ.
وكأن أبا عمروٍ لم يبلغه « وهو خير القاصين » قراءة، وقد أجاب أبو علي الفارسي عما ذكره أبو العلاء، فقال :« القَصَصُ » هنا بمعنى القولِ، وقد جاء القول في القَصْل أيضاً، قال تعالى ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾ [ الطارق : ١٣ ].
وقال تعالى :﴿ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾ [ هود : ١ ].
وقال تعالى :« ونُفَصِّلُ الآياتِ » فقد حمل الفَصْلَ على القول، واستعمل معه كما جاء مع القضاءِ، فلا يلزم من الفاصل أن يكون معيناً ل « يقضي ».

فصل في الاحتجاج بالآية لأهل السُّنة


أحتج أهل السُّنَّةِ بقوله :﴿ إِنِ الحكم إِلاَّ للَّه ﴾ على أنه لا يقدر العَبْدُ على أمر من الأمور إلاَّ إذا قَضَاهُ الله، فيمتنع منه فعلُ الكُفْرِ إلا إذا قضى اللَّهُ وحكم به، وكذلك في جميع الأفعال؛ لأن قوله :﴿ إِنِ الحكم إِلاَّ للَّه ﴾ [ يفيد الحصر ].
واحتج المعتزلة بقوله :« يقضي الحق »، ومعناه : أن كل ما قضى به فهو الحقّ، وهذا يقتضي ألاَّ يريد الكفر من الكافر، ولا المعصية من العاصي؛ لأن ذلك ليس بحق، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon