قد تقدم الكلام على « أنَّ » الواقعة بعد « لو » على أنَّ فيها مَذْهَبيْن.
و « لَهُمْ » خبر ل « أنَّ »، و ﴿ مَّا فِي الأرض ﴾ اسمها، و « جميعاً » توكيد لهُ، أو حال منه و « مِثلَه » في نَصْبِه وجهان :
أحدهما : عطف على اسم « أن » وهو « مَا » الموصولة.
والثاني : أنه منصُوب على المَعِيَّة، وهو رأي الزَّمخْشَرِي، وسيأتي ما يرد على ذلك والجوابُ عنه.
و « معهُ » ظرف واقع موقع الحال.
[ « واللام » ] متعلِّقة بالاستِقْرَار الذي تعلَّق به الخبر، وهو « لَهُمْ ».
و « به » و « مِنْ عذاب » متعلِّقان بالافْتِدَاء، والضَّمير في « بِهِ » عائدٌ على « مَا » الموصولة، وجيء بالضَّمِير مُفْرَداً وإن تقدَّمه شَيْئَان وهما ﴿ مَّا فِي الأرض ﴾ و « مِثْلَهُ »، إما لتلازُمهمَا فهما في حُكْم شيء واحد؛ وإما لأنَّه حذف من الثَّانِي لدلالة ما في الأوَّل عليه، كقوله رحمة الله عليه :[ الطويل ]

١٩٦٠-...................... فَإنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ
أي : لو أنَّ لهم ما في الأرض لِيَفْتَدُوا به، ومثله معه ليفْتَدُوا به وإما لإجراء الضمير مُجْرَى اسم الإشارة، كقوله :[ الرجز ]
١٩٦١-................... كَأنَّهُ فِي الجِلْدِ...........
وقال بعضهم : ليفْتَدُوا بذلك المَال.
وقد تقدم في « البقرة ».
و « عذاب » بمعنى : تَعْذِيب بإضافته إلى « يَوْم » خرج « يَوْم » عن الظرفية، و « مَا » نَافِية وهي جواب « لَوْ »، وجاء على الأكْثَر من كونِ الجواب النَّفي بغير « لام »، والجملة الامْتِنَاعية في محل رفع خبراً ل « إن »، وجعل الزَّمَخْشَرِيُّ توحيد الضَّمير في « بِهِ » لمَدْرك آخر، وهو أنَّ « الوَاو » في « ومِثْلَهُ » [ واو « مع » قال بعد أن ذكر الوجهين المتقدمين : ويجُوزُ أن تكُونَ الواوُ في « ومِثله » ] بمعنى « مَعَ » فيتوحد المَرْجُوع إليه.
فإن قُلْتَ : فبم يُنْصب المَفْعُول معه؟.
قلت : بما تسْتَدْعِيه « لَوْ » من الفعل؛ لأن التَّقدير : لو ثبت أنَّ لَهُمْ ما في الأرض، يعني : أنَّ حكم ما قبل المفعُول معه في الخَبَرِ والحَالِ، وعود الضَّمِير حكمه لو لم يكن بعده مفعول معه، تقول :« كُنْتُ وَزَيْدَاً كالأخِ » قال الشاعر :[ الطويل ]
١٩٦٢- فَكَانَ وَإيَّاهَا كَحَرَّانَ لَمْ يُفِقْ عَنِ المَاءِ إذْ لاقَاهُ حَتَّى تَقَدَّدَا
فقال :« كَحَرَّان » بالإفْرَاد ولم يقُلْ :« كحرَّانَيْن »، وتقول :« جَاءَ زَيْدٌ وهنْداً ضاحِكاً في داره ».
وقد اختار الأخْفَشُ أن يُعطى حُكْم المُتَعَاطفين، يعني : فَيطَابق الخبر، والحَال، والضمير له ولما بَعْده، فتقول :« كُنْتُ وَزيْداً كالأخوين ».


الصفحة التالية
Icon