والمعنى : أنه يَسْبِقُ عليه الإيمانُ كما يَسْبقُ عليه صُعُود السَّماء، وجوَّزوا فيها وَجْهَيْن آخرين :
أحدهما : أن يكون مَفْعُولاً آخر تعدَّد كما تعدَّد ما قَبْلَها.
والثاني : ان يكُون حالاً وفي صاحبها احتمالان :
أحدهما : هو الضَّمِيرُ المسْتَكِنُّ في « ضَيِّقاً ».
والثاني : هو الضَّمِير في « حَرَجاً »، و « في السَّماءِ » متعلِّقٌ بما قَبْلَه.
قوله :« كَذَلِكَ يَجْعَلُ » هو كنظائهر وقدَّره الزَّجَّاج :« مثل ما قَصَصْنَا علَلَيْك يَجْعَل » أي : فيكون مُبْتَدأ وخبراً، أو نَعْت مَصْدر مَحْذُوف، فلَكَ أن تَرْفَعَ « مِثْل » وأن تَنْصِبَها بالاعْتِبَاريْن عِنده، والأحسن أن يُقَدَّر لها مَصْدَر مُنَاسِبٌ كما قدره النَّاسُ، وهو مِثْل ذلك الجَعْل- أي : جَعْلِ الصَّدر ضَيِّقاً حَرَجاً - « يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ » كذا قدَّره مكي وغيره، و « يَجْعَل » يحتمل أن تكُونَ بمعْنَى « ألْقَى » وهو الظَّاهِرُ، فتتعدَّى لواحدس بنَفْسها وللآخر بحَرْف الجرَّ، ولذلك تعدَّتْ هُنَا ب « عَلَى » والمَعْنَى :« كذلِكَ يُلْقي الله العذابَ على الَّذِين لا يُؤمِنُون ».
ويجوز ان تكُون بمعْنَى صَيَّر أي :« يُصيِّره مُسْتعْلياً عليهم مُحِيطاً بِهِم »، والتَّقْدير الصِّناعي : مستَقِرّاً عليهم.

فصل في بيان معنى الرجس


قال ابن عبَّاس- رضي الله عنه - : الرِّجْسُ هو الشَّيْطَان.
وقال الكَلْبِي : هو المأثم.
وقال مُجَاهِد : الرِّجْس : ما لا خَيْرَ فيه.
وقال عطاء : الرِّجْس العذاب مثل الرِّجْزِ.
وقيل هو النَّجِس؛ رُوِي أنه - ﷺ - كان إذَا دخل الخلاء قال :« اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْس والنِّجِس ».
وقال الزَّجَّاد : الرِّجْس : اللَّعْنَة في الدُّنْيَا، والعذاب في الآخرَة.


الصفحة التالية
Icon