وقال ابن عطيَّة :« ويتَّجه عندي في هذا الاستِثْنَاء أن يكون مُخَاطَبَة للنَّبِي ﷺ وأمته، ولَيْس مما يُقالُ يوم القيامة، والمستثنى هو من كان من الكفرة يومئذ يؤمن في علم اللَّهِ؛ كأنه لما أخْبَرَهُم أنه يُقَال للكُفَّرا :» النَّارُ مَثْوَاكُم « استثنى لهم من يُمْكِن أن يُؤمِين ممَّن يَرَوْنَهُ يومئذ كافراً، وتقع » مَا « على صِفَة من يَعْقل، ويؤيِّ هذا التَّأويل أيضاً قوله :» إنَّ ربِّك حَكِيمٌ عَلِيمٌ « أي : بمن يُمْكِنُ أن يُؤمِنَ منهم ».
قال أبو حيان :« وهو تَأويلٌ حسن، وكان قد قال قبل ذلك :» والظَّاهر أن هذا الاسْتِثْنَاء هو من كلام اللَّه- تعالى - للمخَاطَبين، وعليه جَاءَت تفاسير الاستِثْنَاء « وقال ابن عطيَّة ثم ساقه إلى أخِرِه، فكيف يسْتَحْسِنُ شيئاً حُكِم عليه بأنَّه خلاف الظَّاهِر من غير قَرِينَةٍ قويَّة مُخْرِجة للَّفْظِ عن ظَاهِرِه؟
قوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ ﴾ أي : فيما يَفْعَلهُ من ثواب وعقاب وسائر وُجُوه المجازِ، أو كأنَّه، يقول : إنما حَكَمْتُ لهؤلاء الكُفَّارِ بعذاب الأبَدِ، لعلمي أنَّهُم يستَحِقُّونَ ذلك.
وقيل :» عليم « بالَّذي استَثْنَاهُ وبِمَا في قُلُوبهم من البرِّ والتَّقْوَى.