قوله : فَقَدْ جَاءَكُم « : جواب شَرْط مقدِّرٍ فقدَّرَه الزَّمَخْشَريُّ : إن صَدَقْتُم فيما كُنْتُم تَعْدُّون من أنْفُسِكم، فَقَدْ جَاءَكم، قال :» وهو من أحْسن الحُذُوف « وقدّرَه غَيْره : إن كُنْتُم كما تَزْعُمون : إنَّكم إذا أنزل عَلَيْكُم كِتَابٌ، تكونون أهْدَى من اليَهُود والنَّصَارى، فقدْ جَاءَكُم، ولم يُؤنَّث الفِعْل؛ لأن التَّأنيث مجازيُّ، وللفَصْل بالمَفْعُول، و » مِنْ ربِّكم « يجوز أن تيعلَّق ب » جَاءَكُم « وأن يتعلَّق بِمَحْذُوف على أنَّه صِفَةٌ ل بَيِّنَة ».
وقوله :« هُدة ورَحْمَة » محذُوفٌ بعدهما : مِن ربِّكُم.
قوله : فَمَنْ أظْلَمُ « الظَّاهِر أنَّها جُمْلَة مُسْتَقِلة.
وقال بعضهم، هي جواب شَرْط مُقَدَّر، تقديرُه : فإن كَذَّبْتُم، فلا أحَد أظْلَم مِنْكُم.
والجُمْهُور على كَذَّب »
مُشَدّداً، وبآيات الله متعلِّق به، وقرأ يحيى بن وثاب، وابن أبي عَبْلَة :« كَذَبَ » بالتخفيف، و « بآيات اللَّه » : يجوز أن يكُون مَفْعُولاً وأن يكون حالاً، أي : كذَّ ومعهُ آيات اللَّه، و « صدف » مَفْعُوله مَحْذُوف، أي :« وصدف عنها غيره » وقد تقدَّم تَفْسير ذلك [ الأنعام : ١٥٧ ] والمُراج : تَعْظِيم كُفْر من كذِّب بآيَاتِ الله « وصدَف عَنْها » أي مَنَع؛ لأنَّ الأوَّل ضلال، والثاني مَنْع عن الحقِّ وإضْلال.
ثم قال - تعالى - :﴿ سَنَجْزِي الذين يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سواء العذاب ﴾ وهو كقوله تعالى :﴿ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العذاب ﴾ [ النحل : ٨٨ ].


الصفحة التالية
Icon