وقال الزَّجَّاجُ : إنَّمَا جمع الموازين ههنا لوجهين :
الأوَّلُ : أنَّ العرب قد تُوقِعُ لَفْظَ الجَمْعِ على الواحد فيقولون : خرج فلان إلى مَكَّةَ راكباً البِغَالَ.
والثاني : أن الموازين ههنا جمع موزون لا جمع ميزان.
قال القرطبيُّ : والموازين جمع ميزان وأصلُهُ :« مِوْزَانٌ » قلبت الواوُ ياءٌ لكسرة ما قبلها.
فصل في المراد بالميزان
قال مُجَاهِدٌ والأعْمَشُ والضَّحَّاكُ : المراد بالميزان العدل والقضاء، وذهب إلى هذا القول كثيرٌ من المُتأخِّرينَ قالوا : لأنَّ لَفْظَ الوزن على هذا المعنى شَائِعٌ في اللُّغَةِ؛ لأن العدل في الأخذ والإعطاء لا يظهر إلاَّ بالكَيْل، والوزن في الدُّنْيَا، فلم يبعد جعل الوزن كِنَايَةً عن العَدْلِ، ويؤيِّدُ ذلك أنَّ الرَّجُلَ إذا لم يكن له قَدْرٌ ولا قِيمَةٌ عند غيره يقال : إنَّ فُلاناً لا يقيم لفلان وَزْناً. قال تعالى :﴿ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْناً ﴾ [ الكهف : ١٠٥ ]، ويُقَالُ هذا الكلامُ في وزن هذا وفي وزانه، أي : يعادله ويُسَاويه مع أنَّهُ ليس هناك وَزْنٌ في الحَقيقَةِ؛ قال الشَّاعِرُ :[ الكامل ]
قَدْ كُنْتُ عِنْدَ لِقَائِكُمْ ذَا قُوَّةٍ | عِنْدِي لِكُلِّ مُخَاصِمٍ ميزَانُهُ |
وأُجيب بأنَّ فائدته أنَّ جميع المكلفين يعلمون يَوْمَ القيامة أنَّهُ تعالى مُنَزَّهٌ عن الظُّلْم والجَوْرِ. وفائدةُ وضع الميزانِ أنْ يظهر ذلك الرُّجْحَانُ لأهل المَوْقِفِ، لإإن رجحت الحسنات ازداد فَرَحُهُ وسُرُورُهُ، وإنْ كان بالضِّدِّ فيزاداد غمُّه.
وقال القُرْطُبِيُّ :« الصَّحيحُ أنَّ المراد بالميزان وزن أعمال العباد ».
فإن قيل : الموزون صَحَائِفُ الأعْمَالِ، أو صور مخلوقة على حَسْبِ مقَاديرِ الأعْمالِ.
فنقول : إنَّ المكلف يوم القيامة إمَّا أن يكون مقراً بأنَّ اللَّهَ - تعالى - عَادِلٌ حَكِيمٌ، أو لا يكون مقرّاً بذلك فإن كان وزنها محالاً.
وأُجيب بأنَّ فائدته أنَّ جميع المكلفين يعلمون يَوْمَ القيامة أنَّهُ تعالى مُنَزَّهٌ عن الظُّلْم والجَوْرِ. وفائدةُ وضع الميزانِ أنْ يظهر ذلك الرُّجْحَانُ لأهل المَوْقِفِ، فإن رجحت الحسنات ازداد فَرَحُهُ وسُرُورُهُ، وإنْ كان بالضِّدِّ فيزداد غمُّه.
وقال القُرْطُبِيُّ :« الصَّحيحُ أنَّ المراد بالميزان وزن أعمال العباد ».
فإن قيل : الموزون صَحَائِفُ الأعْمَالِ، أو صور مخلوقة على حَسْبِ مقَاديرِ الأعْمالِ.
فنقول : أنَّ الملكف يوم القيامة إمَّا أن يكون مقراً بأنَّ الله - تعالى - عَادِلٌ حَكِيمٌ، أو لا يكون مقرّاً بذلك فإن كان مقرّاً بذلك فحينئذ كفاه حكم اللَّه تعالى بمقادير الثَّواب والعقاب في علمه بأنه عَدْلٌ وصوابٌ، وإنْ لم يكن مُقِرّاً بذلك لم يعرف من رجحان كفَّةِ الحسنات على كفَّةِ السيِّئات أو بالعَكْس من حُصُولِ الرُّجْحَانِ لا على سبيل العَدْلِ والإنْصافِ، فثبتَ أنَّ هذا الوَزْنَ لا فَائِدَةَ فيه ألْبَتَّةَ وقال أكْثَرُ المفسرين : أرَادَ وزن الأعْمَالِ بالميزان، وذلك أنَّ الله - تعالى - ينصب ميزاناً له لسان يوزن بها أعمال العباد خيرها وشرها وكفتان، كل كَفَّةٍ بِقَدْرِ ما بين المَشْرِقِ المَغْرِبِ.