في « لا » هذه وجهان :
أظهرهما : أنها زائدة للتوكيد.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ :« لا » في « ألاَّ تسجد » صلة بدليل قوله تعالى :﴿ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ سورة ص : ٧٥ ] ومثلها ﴿ لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب ﴾ [ الحديد : ٢٩ ] بمعنى ليعلم، ثم قال : فإن قلت ما فائدةُ زيادتها؟
قلت : توكيد بمعنى الفعل الذي يدخلُ عليه، وتحقيقه كأنه قيل : يستحق علم أهل الكتاب، وما منعك أن تحقق السُّجُود، وتُلزمه نفسك إذا أمرتك؟. وأنْشَدُوا على زيادة « لا » قول الشَّاعر :[ الطويل ]
٢٤١٠ - أبَى جُودُهُ لا البُخْلَ واسْتَعْجَلتْ نَعَمْ... بِهِ مِنْ فَتًى لا يَمْنَعُ الجُودَ نَائِلُهْ
يروى « البُخْل » بالنصب والجر، والنصبُ ظاهرُ الدلالة في زيادتها، تقديره : أبى جُودهُ البخل. وأمَّا رواية الجر فالظَّاهرُ منها عدم الدلالة على زيادتها، ولا حجَّة في هذا البيت على زيادة « لا » في رواية النَّصْبِ، ويتخرَّجُ على وجهين :
أحدهما : أن تكون « لا » مفعولاً بها، و « البخل » بدلٌ منها؛ لأن « لا » تقالُ في المنع فهي مؤدِّية للبُخْلِ.
والثاني : أنَّها مفعول بها أيضاً، و « البُخْل » مفعول من أجْلِهِ، والمعنى : أبي جُودُه لفظ « لا » لأجل البُخْلِ أي : كَرَاهَة البُخْلِ، ويؤيِّدُ عدَمَ الزِّيادةِ روايةُ الجَرِّ.
قال أبُو عمرو بْنُ العلاءِ :« الرِّوايةُ فيه بخفض » البُخْلِ « ؛ لأن » لا « تستعمل في البُخْلِ »، وأنشدُوا أيضاً على زيادتها قول الآخر :[ الكامل ]
٢٤١١ -... أفَعَنْكِ لا بَرْقٌ كأنَّ وَميضَهُ
غَابٌ تَسَنَّمَهُ ضِرَامٌ مُثْقَبُ... يريد أفعنك بَرْقٌ، وقد خرجَّه أبُو حيَّان على احتمال كَوْنِهَا عاطفة، وحذف المعطوف، والتقديرُ : أفعنك لا عن غَيْرِك.