قوله :« عليهما » قال أبُو حيَّان : الأَوْلى أن يعود الضَّمِيرُ في « عليهما » على عَوْرَتَيْهِمَا، كَأنَّهُ قيل : يَخْصِفَانِ على سَوءأتيهما، وعاد بضمير الاثنين؛ لأنَّ الجمع يُرَادُ بن اثنان.
ولا يَجُوزُ أن يعود الضَّميرُ على آدَمَ وحوَّاءَ؛ لأنَّهُ تَقرَّرَ في علم العربيَّةِ أنَّهُ لا يتعدَّى من فعل الظَّاهِر والمُضْمَرِ المتَّصل إلى الضمير المتصل إلى الضمير المتصل المنصوب لفظاً أو مَحَلاًّ في غير باب « ظَنّ »، و « قَعَدَ » و « عَدمَ »، و « وَجَد » لا يجُوزُ زيد ضربه، ولا ضَرَبَهُ زيد، ولا زَيْدٌ مَرَّ به، ولا مَرَّ به زيدٌ، فلو جعلنا الضَّمِيرَس في « عَلَيْهِمَا » عائداً على آدم وحوَّاءَ لَلَزِمَ من ذلك تعدِّي يَخْصِفُ إلى الضَّميرِ المنصوب مَحَلاًّ، وقد رفع الضَّمير المتَّصِل، وهو الألف في « يَخْصِفَانِ »، فإن أخِذَ ذلك على حَذْفِ مُضافٍ مراد؛ جَازَ ذلك، تقديره : يَخْصِفانِ على بَدَنَيْهِمَا.
قال شهابُ الدِّين : ومثل ذلك فيما ذكر ﴿ وهزى إِلَيْكِ ﴾ [ مريم : ٢٥ ]. ﴿ واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ﴾ [ القصص : ٣٢ ].
وقول الشاعر :[ المتقارب ]
٢٤٤٢ - هَوِّنُ عليْكَ فإنَّ الأمُورَ | بِكَفِّ الإلهِ مَقَادِيرُهَا |
٢٤٤٣ - دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَرَاتِهِ | ولكِنَ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ |
أن تكون « مِن » لابتداء الغايةِ وأن تكون للتَّبعيضِ. ؟
و « نَادَاهُمَا رَبُّهُمَا » لم يصرِّحْ هنا باسم المنادى للعلم به.
وقوله :« أَلَمْ أنْهَكُمَا » يجوزُ أن تكون هذه الجُمْلَةُ التقديريَّةُ مفسِّدة للنداء لا محلّ لها ويحتمل أن يكُونَ ثَمَّ قول مَحْذُوفٌ، هي مَعْمُولَةٌ له أي : فقال : لم أنْهَكُمَا.
وقال بعضَهُم : هذه الجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ بقولٍ مُقدَّرٍ ذلك القَوْلُ حال تقديره : وناداهما قَائِلاً ذلك. و « لَكُمَا » متعلِّقٌ ب « عَدُوّ » لما فيه من معنى الفِعْل، ويجوز أن تكون متعلِّقة بمَحْذُوفٍ على أنها حالٌ من « عَدٌوِّ » ؛ لأنَّهَا تأخّرَتْ لجاز أن تكون وصفاً.
فصل في قوله « ألم أنهكما »
معنى قوله :﴿ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشجرة ﴾ يعني : عن الأكْلِ منها وأقل لَكُمَا : إنَّ الشَّيْطانَ لكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ.
قال ابن عبَّاس : بيَّن العداوة حَيْثٌ أبي السُّجُود وقال :﴿ لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم ﴾ [ الأعراف : ١٦ ].