قال أبو عبيد :« ولم نَرَ العرب يعرفون ما رَوَوْه عن عمر ونراه مُوَلَّداً ».
قال شهاب الدين : وهذا طَعْنٌ في المُتَواتِر فلا يُقبل، وتبدل عينها حاءً، وهي لغة فاشية، كما تبدل حاء « حتى » عيناً.
قوله :﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ ﴾.
التأذين في اللُّغَةِ النداء والتّصويت الإعلام، والأذان للصّلاة إعلام بها وبوقتها.
وقالوا في « أذَن مؤذّن » : نادى مناد أسمع الفريقين.
قال ابن عباس :« وذلك المؤذن من الملائكة وهو صاحبُ الصُّورِ ».
قوله :« بينهم » يجوز أن يكون منصوباً ب « أذَّن » أو ب « مؤذن » فعلى الأول التقدير :
أنَّ المؤذن أوقع ذلك الأذان بينهم أي في وسطهم.
وعلى الثَّاني التَّقديرُ : أنَّ مؤذِّناً من بينهم أذَّن بذلك الأذان، والأول أوْلَى.
وأن يكون مُتَعَلِّقاً بمحذوف على أنَّهُ صفة ل « مؤذّن » قال مكيّ - عند إجازته هذا الوَجْهِ - :« ولكن لا يعمل في » أنْ « مؤذِّن » إذ قد نعته « يعني أنَّ قوله :﴿ أَن لَّعْنَةُ الله ﴾ لا يجوز أنْ يكون معمولاً ل » مؤذّن « ؛ لأنَّهُ موصوف واسم الفاعل متى وصف لم يعمل.
قال شهابُ الدِّين :» وهذا يوهم أنَّا إذا لم نجعل « بَيْنَهُمْ » نعتاً ل « مؤذِّن » جاز أن يعمل في « أنْ »، وليس الأمر كذلك؛ لأنَّكَ لو قلت : ضرب ضَارِبٌ [ زيداً تنصب زيداً ب « ضرب » لا ب « ضارب » ].
لكني قد رأيت الواحِدِي أجاز ما أجاز مكيّ من كون « مؤذّن » عاملاً في « أن »، وإذا وصفته امتنع ذلك، وفيه ما تقدّم وهو حسن.
قوله :﴿ أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين ﴾ « أنْ » يجوز أن تكون المفسِّرة، وأن تكون المخففة، والجملة الاسميَّة بعدها الخبر، فلا حاجة هنا لفاصل.
وقرأ الأأخوان، وابن عامر، والبزِّي :« أنَّ » بفتح الهمزة وتشديد النون، ونصب « اللَّعنة » على أنَّهَا اسمها، و « على الظالمين » خبرها، وكذلك في [ النور ٧ ] ﴿ أَن لَّعْنَةُ الله عَلَيْهِ ﴾ خفَّف « أنْ » ورفع اللّعنة نافع وحده، والباقون بالتشديد والنَّصب.
[ قال الواحِديُّ : مَنْ شدّد فهو الأصلُ، ومن خفَّف فهو مخففة من التشديد على إرادة إضمار القصّة والحديث تقديره : أنه لعنة الله، ومثله قوله تعالى :﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ ﴾ [ يونس : ١٠ ] التقدير : أنَّهُ، ولا يخفف « أنْ » هذه إلا وتكون بعد إضمار الحديث والشأن ].
وقرأ عصمةُ عن الأعمشِ :« إنَّ » بالكسر والتشديد، وذلك : إمَّا على إضمار القول عند البصريين، وإمَّا على إجراء النِّداء مُجْرى القول عند الكوفِيِّين.