قوله تعالى :﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ ﴾ معناه : كلما وقعت أبصار أصحاب الأعراف على أهل النَّارِ تضرَّعُوا إلى اللَّهِ في ألاّ يجعلهم من زمرتهم.
وقرأ الأعمش :« وإذَا قلبت » وهي مخالفة للسواد كقراءة « لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ أهل النَّارِ تضرَّعُوا إلى اللَّهِ في ألاّ يجعلهم من زمرتهم.
أو وهم طامعون على أن هذه أقرب.
قوله :» تِلْقَاءَ « منصوب على ظرف المكان.
قال مكيٌّ :» وجمعه تلاقِيّ «.
قال شهابُ الدّين :» لأن « تِلْقَاء » وزنه « تِفْعَال » ك « تمثال » وتمثال وبابه يجمع على « تَفَاعِيلُ »، فالتقت الياء الزَّائدةُ مع الياء التي هي لام الكلمة، فأدغمت فصارت « تَلاَقِيّ ».
والتلقاء في الأصل، مصدر ثم جُعِلَ دالاًّ على المكان أي : على جهة اللِّقَاءِ والمقابلة.
قال الوَاحِدِيُّ :« التّلقاء جهة اللِّقَاءِ، وهي في الأصل مصدر استعمل ظَرْفاً »، ونقل المصادر على « تِفعال » بكسر التَّاء إلاَّ لفظتان : التِّلقاء، والمبرد عن البصريّين أنَّهُمَا قالا : لم يأت من المصادر على « تِفعال » بكسر التَّاء إلاَّ لفظتان : التِّلقاء، والتِّبيان، وما عدا ذلك من المصادر فمفتوح نحو : التَّرْداد والتكرار، ومن الأسماء مكسور نحو : تِمثال وتِمْساح وتِقْصار.
وفي قوله :« صُرِفَتْ أبْصَارُهُم » فائدة جليلة، وهو أنَّهُم لم يَلْتَفِتُوا إلى جهة النَّار [ إلا ] مجبورين على ذلك لا باختيارهم؛ لأن مكان الشرِّ محذور، وقد تقدَّم خلاف القُرَّاء في نحو :« تِلْقَاءَ أصْحَابِ » بالنِّسبة إلى إسقاط إحْدَى الهمزتين، أو إثباتها، أو تسهيلها في أوائل البقرة [ ٦، ١٣ ].
و « قالوا » هو جواب « إذا » والعامل فيها.