ومعنى الآية أنَّهُم كانوا يجلسون على الطَّريق فيقولون لمن يريدُ الإيمانَ بشُعَيْبٍ : إنَّ شُعَيْباً كذاب فلا يفتننَّك عن دينك، ويتوعدون المؤمنين بالقَتْل، ويخوفونهم.
قال الزمخشريُّ : قوله :﴿ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ ﴾ أي : ولا تقتدوا بالشَّيْطان في قوله :﴿ لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم ﴾ [ الأعراف : ١٦ ] قال : والمرادُ من قوله :« صِرَاطٍ » كلُّ ما كان من مناهج الدِّين ويدلُّ عليه قوله :﴿ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾.
قوله :« وَاذْكُرُوا » إمَّا أن يكون مفعوله محذوفاً، فيكون هذا الظَّرف معمولاً لذلك المفعول أي : اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عليكم في ذلك الوقت، وإمَّا أن يجعل نفس الظرف مفعولاً به. قاله الزمخشريُّ.
وقال ابن عطية :« إنّ » الهاء « في » به « يجوز أن تعود على شعيب عند مَنْ يرى أنَّ القُعُودَ على الطرق للردِّ عن شعيب، وهو بعيد؛ لأن القائل :» ولا تقعدوا « هو شعيب، وحينئذ كان التركيب » مَنْ آمَنَ بِي «، والادِّعَاءُ بأنَّهُ من باب الالتفات بعيد جداً؛ إذ لا يَحْسُن أن يُقال :» [ يا ] هذا أنا أقول لك لا تُهِنْ مَنْ أكرَمَه « أي : مَنْ أكرمني.
قوله :﴿ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ﴾.
قل الزَّجَّاج :» هذا الكلام يحتمل ثلاث أوجه : كثر عددكم بعد القلّة، وكثركم بالغنى بعد الفقر، وكثركم بالقوة بعد الضعف « قال السدي :» كانوا عشارين «.
[ قوله ] :﴿ وانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين ﴾.
» كيف « وما في حيِّزها معلِّقة للنظر عن العمل، فهي وما بعدها في محل نصب على إسقاط الخافض.
والنظرُ هنا التفكُّرُ، و » كيف « خبر كان، واجب التقديم.
والمعنى : انظر كيف كان عاقبة المفسدين أي : جزاء قوم لوط من الخزي والنكار وعذاب الاستئصال.