يقال : أرْضٌ جَرْدَاء، أي : مَلْسَاء وثَوْبٌ جَرْدٌ، إذا ذَهَبَ زئبره.

فصل


قال القرطبيُّ : اختلف الفُقهَاءُ في جواز قتل الجَرَادِ.
فقيل : يُقتل، لأنَّ في تركها فساد الأموال، وقد رخَّصَ النَّبيُّ ﷺ بقتال المسلم إذا أخذَ ماله، فالجرادُ إذا أراد فسادَ الأموال كانت أوْلَى بجوازِ قتلها، كما أنَّهم اتفقوا على جواز قتل الحيّة، والعقرب؛ لأنَّهُمَا يُؤذِيَان النَّاس فكذلك الجَرَادُ.
وروى ابْنُ ماجَةَ عن أنس أنَّ النبيَّ ﷺ كان إذَا دَعَا على الجراد قال :« اللَّهُمَّ أهْلِك كِبارَهُ واقْتُل صغَارَهُ، وأفْسِد بيضَه، واقطع دابرهُ، وخُذْ بأفْواهِه عن مَعَايِشِنَا وأرْزَاقنَا إنَّكَ سَمِيعُ الدّعاءِ ».
فقال رجل : يَا رسُول اللَّهِ، كيف تَدْعُو إلى جُنْد من أجْنَادِ اللَّهِ بقطع دَابره؟
قال :« إنَّ الجراد نثرة حوت في البَحْرِ » وهذا قول جمهور الفقهاءِ.
وقيل : لا يُقْتَلُن لأنَّه خلق عظيم من خَلْقِ اللَّهِ يأكل من رزق اللَّهِ.
وقد رُوِي « لا تَقْتُلُوا الجَرَادَ فإنَّهُ جُنْدُ اللَّهِ الأعْظَمُ »
والقُمَّلُ : قيل : هي القِرْدَان، وقيل : دوابُّ تشبهها أصْغَرَ مِنْهَا.
وقال سعيدُ بن جبير : هو السُّوسُ الذي يخرج من الحِنْطة.
وقال ابْنُ السِّكِّيت، إنَّه شيء يقع في الزَّرع ليس بجرادٍ؛ فيأكل السُّنبلة، وهي غضة قبل أن تقوى، وحينئذٍ يطولُ الزَّرءعُ ولا سنبل له.
وقيل : إنَّهَا الحمنان الواحدة : حَمْنَانَة، نوع من القِرْدَان.
وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ : كان إلى جنبهم كثيب أعفر بقرية من قُرَى مصر تدعى « بعين شمس » فذهب موسى إلى ذلك الكثيب فضربه بعصاهُ فانْهَالَ عليهم القُمَّل، وعلى هذا هو القَمْل المعروف الذي يكون في بدن الإنسان وثيابه، ويؤيد هذا قراءة الحسن « والقَمْل » بفتح القاف وسكون الميم، فيكونُ فيه لغتان : القُمَّل « كقراءة العامةِ و » القَمْل « كقراءة الحسن البصري.
وقيل : القملُ البراغيث، وقيل : الجعلان.
والضفَادعُ : جمع ضِفْدَع، بزنة دِرْهَم، ويجوز كسر دَالِهِ فتصير بزنة »
زِبْرِج « وقدْ تُبْدَلُ عَيءنُ جمعه ياء، كقوله :[ الرجز ]
٢٥٦٣ - وَمَنْهَلٍ لَيْسَ لَهُ حَوَازِقُ ولِضَفَادِي جَمِّهِ نَقَانِقُ
وشَذَّ جمعُهُ على : ضِفْدَعَات، والضِّفْدَعُ : مؤنَّث، وليس بمذكر، فعلى هذا يُفَرَّقْ بين مذكّره ومؤنثه بالوصفِ.
فيقال : ضِفْدَع ذكر وضفدع أنثى، كما قلنا ذلك في المتلبِّس بتاء التأنيث، نحو حمامة، وجرادة، ونملة.

فصل


روى أبُو داوود وابنُ ماجةَ عن أبي هريرة قال : نَهَى النَّبِي ﷺ عن قتل : الصُّرَدِ والضِّفْدَع، والنَّمْلَةِ، والهُدْهُدِ. ولمَّا خرج إبراهيمُ - عليه السلام - من الشَّام إلى الحَرَم في بناء البيتِ كانت السِّكينَة معه والصُّرَدُ دليلة إلى الموضع، والسكينةَ مقداره، فلمَّا صار إلى البقعَةِ؛ وقعت السَّكينة على موضع البيتِ ونادت : ابْنِ يَا إبراهيمُ على مقدار ظِلِّي.
فنهى النَّبِيُّ ﷺ عن قتل الصُّرَدِ؛ لأنه كان دليل إبراهيم، وعن قتل الضّفدع؛ لأنها كانت تصب الماء على نَارِ غبراهيم، ولما تسلَّطت على فرعون جاءت، وأخذت الأمكنة كلها، فلما صارت إلى التَّنُّور وثَبَتْ فيها وهي نار تسعر طاعة لله، ولكن نار يسعرها الله بها؛ فَجَعَلَ »
نقيقها « تسبيحاً.


الصفحة التالية
Icon