قوله :﴿ وَمِنَ النخل مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ ﴾ يجوز في هذه الجملة أوجه :]
أحسنها : أن يكون « من النخل » خبراً مقدماً، و « من طلعها » بدل بعض من كل بإعادة العامل، فهو كقوله تعالى :﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر ﴾ [ الأحزاب : ٢١ ].
و « قِنْوَانٌ » مبتدأ مؤخر، وهذه الجملة ابتدائية عطفت على الفعلية قبلها.
الثاني : أن يكون « قِنْوان » فاعلاً بالجار قبله، وهو « من النخل » و « من طلعها » على ما تقدَّم من البدليَّة، وذلك على رأي الأخفش.
الثالث : أن تكون المسألةُ من باب التَّنَازُعِ، يعني أن كلاَّ من الجارَّيْنِ يطلب « قنوان » على أنه فاعل على رأي الأخفش، فإن أعملت الثاني، وهو مختار قول البصريين أضمرت في الأوّل، وإن أعملت الأوَّل كما هو مختار قول الكوفيين أضمرت في الثاني.
قال أبو البقاءِ : والوجه الآخر أن يرتفع « قنوان » على أنه فاعل « من طلعها » فيكون في « من النخل » ضمير يفسره « قنوان » وإن رفعت [ « قنوان » ] بقوله :« ومن النخل » على قول من أمعلم أول الفعلين جاز، وكان في « من طلعها » ضمير مرفوع قلت : فقد أشار بقوله : على أنه فالع « من طلعها » إلى إعمال الثاني.
الرابع : أن يكون « قنوان » مبتدأ، و « من طلعها » الخبر، وفي « من النخل » ضمير، تقديره ونبت من النخل شيء أو ثمر، فيكون « من طلعها » بدلاً منه. قاله أبو البقاء رحمه الله، وهذا كلام لا يصيح؛ لأنه بعد أن جعل « من طعلها » الخبر، فكيف يجعله بدلاً؟ فإن قيل : يجعله بدلاً منه؛ لأن « من النخل » خبر للمبتدأ.
فالجواب : أن قد تقدَّم هذا الوجه، وجعله مقابلاً لهذا، فلا بد أن يكون هذا غيره، فإنه قال قبل ذلك : وفي رفعه وجهان :
أحدهما : هو مبتدأ، وفي خبره وجهان :
أحدهما : هو « من النخل »، و « من طلعها » بدل بإعادة الجار.
قال أبو حيان : وهذا إعراب فيه تخليط.
الخامس : أن يكون مبتدأ محذوف الخبر لدلالة « أخرجنا » عليه، تقديره : ومخرجه من طلع النخل « قنوان ». هذا نص الزمخشري، وهو كما قال أبو حيان لا حاجة إليه؛ لأن الجملة مُسْتَقِلَّةٌ في الإخبار بدونه.
السادس : أن يكون « من النخل » متعلقاً بفعل مقدر، ويكون « من طلعها قنوان » جملة ابتدائية في موضع المفعول ب « نخرج » وإليه ذهب ابن عطية، فإنه قال :« ومن النخل » تقديره : نخرج من النخل «، و » من طلعها قنوان « ابتداء خبر مقدم، والجملة موضع المفعول ب » نخرج «.