ونظيره قوله في قراءته ﴿ وَحُورٌ عِينٌ ﴾ [ الواقعة : ٢٢ ] بعد قوله :﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ ﴾ [ الواقعة : ١٧، ١٨ ] أي : ولهم حُورٌ عين، ومثل هذا اتَّفَقَ على جوازه سيبويه، والكسائي، والفراء.
وقدره الزمخشري، وأبو حيان متأخراً؛ فقال : أي : وجنات من أعناب أخْرجناها قال الشيخ : ودلَّ على تقديره قوله قبل :« فأخْرَجْنَا » كما تقول : أكرمت عبد الله وأخوه، أي : وأخوه أكرمته.
قال شهاب الدين : وهذا التَّقديرُ سَبَقَهُ إليه ابن الأنْبَارِيّ، فإن قال :« الجنَّات » رفعت بمضمر بعدها تأويلها : وجنات من أعناب أخرجناها، فجرى مجرى قول العرب « أكرمت عبد الله وأخوه » تريد وأخوه أكرمته.
قال الفرزدق :[ الطويل ]
٢٢٧٣- غَدَاةَ أحَلَّتْ لابْنِ أصْرَمَ طَعْنَةٌ | حُصَيْنٍ عَبِيطاتِ السِّدائِفِ والخَمْرُ |
والوجه : الثاني : أن يرتفع عَطْفاً على « قِنْوان » تغليباً للجوار؛ كقول الشاعر :[ الوافر ]
٢٢٧٤-................ | وَزَجَّحْنَ الحَوَاجِبَ والعُيُونَا |
والثالث : أن يُعطف على « قنوان ».
قال الزمخشري : على معنى مُحَاطَة أو مخرجه من النخل قنوان، وجنات من أعناب أي من نبات أعناب.
قال أبو حيان رحمه الله تعالى : وهذا العَطْفُ على ألاَّ يلحظ فيه قَيْدٌ من النخل، فكأنه قال : ومن النخل قِنْوانق دانية، وجنات من أعناب حَاصِلة، كما تقول :« من بني تميم رجل عاقل ورجل من قريش مُنْطَلِقان ».
قال شهاب الدين رحمها لله : وقد ذكر الطبري أيضاً هذا الوَجْهَ أعني عَطْفَهَا على « قنوان »، وضعَّفَهُ ابن عطية، كأنه لم يظهر له ما ظهر لأبي القاسم من المعنى المشار إليه، ومنع أبو البقاء عطفه على « قنوان »، قال :« لأن العِنبَ لا يخرج من النخل ».
وأنكر أبو عبيد وأبو حاتم هذه القراءة قال أبو حاتم :« هذه القرءاة محال لأن الجنات من الأعناب لا تكون من النخل ».
قال شهاب الدين : أما جواب أبي البقاء فبما قاله الزمخشري.
وأما جواب أبي عبيد وأبي حاتم فبما تقدَّم من تَوْجِيهِ الرفع، و « ن أعاب » صفة ل « جنات » فتكون في محلِّ رفع ونصب بحسب القراءتين، وتتعلق بمحذوف.
قوله :« والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ » لم يقرأهما أحد إلاَّ مَنْصُوبَيْنِ، ونصبهما : إما عطف على « جنات »، وإما على « نبات » وهذا ظاهر قول الزمخشري، فإنه قال : وقرئ « وجنات » بالنصب عطفاً على « نبات كل شيء » أي : وأخرجنا به جنات من أعناب، وكذلك قوله :« والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ ».