انتهى وقد جمع بنيهما في هذه الآية الكريمة في قوله « مشتبهاً وغير متشابه ».
فصل في معنى « متشابه » في الآية
قال بعضهم : متشابه في اللون والشكل، ومع أنها تكون مُتشابِهَةً في الطعم واللَّذَّةِ، فإن الأعناب والرمان قد تكون مُتَشابِهَةً في الصورة واللون والشكل، مع أنها تكون مختلفةً في الحلاوةِ والحُمُوضَةِ.
وقيل : إن أكثر الفواكه يكون ما فيها من القِشْرِ والعجم متشابهة في الطعم والخَاصيَّة.
وقال قتادة : مشتبهاً وَرَقُهَا مختلفاً ثمرها؛ لأن وَرَقَ الزيتون يشبه ورق الرمان.
وقيل : إنك إذا أخذت عنقود العنب وجدْت جميع حبَّاتِهِ نَاضِجةً حلوة طيبة إلاَّ حبَّاتٍ مخصوصة لم تدرك، بل بقيت على أوَّل حالها في الحموضة والعُفُوصَةِ، ولعى هذا قبعض حبَّات ذلك العنقود متشابه، وبعضها غير متشابه.
قوله :« إلَى ثَمَرِهِ » متعلق ب « انظروا » وهو بمعنى الرُّؤية، وإنما تَعَدَّتْ ب « إلى » لما تَتَضَمنَّهُ من التفكر.
وقرأ الأخوان « ثُمُرِهِ » بضمتين، والباقون : فتحتين.
وقرئ شاذاً بضم الأوّل، وسكون الثاني.
وأما قراءة الأخوين فتحتمل أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون اسماً مفرداً؛ كطُنُب وعُنُق.
والثاني : أنه جمع الجمع، فَثْمر جمع : ثمار، وثمار جمع ثَمَرة وذلك نحو : أكُم جمع إكَام، وإكَام حمع أكَمَة، فهو نظير كُثْبَان وكُثُب.
والثالث : أنه جمع « ثَمَر » كا قالوا : أسَد وأسُد.
والرابع : أنه جمع : ثمرة.
قال الفارسي :« الأحْسَنُ أنيك ون جمع ثَمَرَة، كخَشَبَة وخُشُب، وأكَمَة وأكُمُ، ونظيره في المعتل : لابَةٌ ولُوبٌ، وناقةٌ ونوقٌ، وسَاحَةٌ وسُوحٌ ».
وأما قراءة الجماعة، فالثَّمَر اسم جنس، مفرده ثمرة، كشجر وشجرة، وبقر وبقرة، وجَرَز وجَرَزَة.
وأما قراءة التسكين فيه تخفيف قراءة الأخوين وقيل : بل هي جمع « ثمرة » كبُدْن جمع « بَدضنة »، ونقل بعضهم أنه يقال : ثمرة بزنة سمرة، وقياسها على هذا ثَمُر كَسَمُر بحذف التاء إذا قصد جمعه، وقياس تكسيره أثمار، كعضد وأعْضَاد.
وقد قرأ عمرو الذي في سورة « الكهف » بالضم وسكون الميم، فهذه القرءاة التي هنا فَصِيحَةٌ كان قياس أبي عمرو أن يقرأهما شيئاً واحداً لولا أن القراءة مُسْتَنَدُهَا النقل.
وقرا أبو عمرو والكسائي وقنبل « خُشْب » والباقون بالضم فهذه القراءة نظير تيك.
وهذا الخلاف أعني في « ثمره » والتوجيه بعينه جارٍ في سورة يس [ آية ٣٥ ] وأما الذي في سورة « الكهف » ففيه ثلاث قراءات : فعاصم يقرؤه بفتحتين، كما يقرؤه في هذه السورة، وفي يس فاستمر على عَمَلٍ واحد، والأخوان يقرآنه بضمتين في السور الثلاث، فاستمر على عمل واحد، وأما نفاع وابن كثير وأبن عامر فقراوا في « الأنعام » و « يس » فتحتين، وقرأوا ما في « الكهف » بضمتين.