قال يزيدُ بن أبي حبيب : أوجب اللَّهُ النار لِمَنْ فَرَّ يوم بدر، فلمَّا كان يوم أحد قال :﴿ وَلَقَدْ عَفَا الله عَنْهُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٥٥ ]. ثم كان يوم حنين بعده فقال :﴿ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾ [ التوبة : ٢٥ ] ثم قال بعده ﴿ ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَآءُ ﴾ [ التوبة : ٢٧ ].
وقال عبدُ الله بنُ عُمَرَ :« كُنَّا في جيش بعثنا رسول الله ﷺ، فحاص النَّاسُ حَيْصَةً، فانْهَزَمْنَا، فقُلْنَا يا رسول الله : نَحْنُ الفَرَّارُونَ، فقال :» لا بَلْ أنتُمْ العَكَّارُونَ « أنَّا فِئَةُ المُسلمينَ »
وقال محمدُ بن سيرين :« لما قُتل أبو عبيدة جاء الخبر على عمر فقال : لو انحاز إليَّ كنتُ له فئةٌ فأنا فئةُ كلِّ مُسْلمٍ »
وقيل : حكم الآية عام في كل حرب، ويؤيده قوله ﷺ :« من الكبائر الفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ » والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السَّبب.
وقال عطاءُ بن أي رباح :« هذه الآية منسوخةٌ بقوله :﴿ الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ ﴾ [ الأنفال : ٦٦ ] فليس للقوم أن يفرُّوا من مثلهم فنسخت تلك إلاَّ في هذه العدة.
وعلى هذا أكثر أهل العلم أنَّ المسلمين إذا كانوا على الشطر من عددهم لا يجوز لهم الفرار غلاَّ مُتحرفاً أو مُتحيِّزاً إلى فئةٍ، وإن كانوا أقلَّ من ذلك جاز لهم أن يولوا عنهم وينحازوا عنهم »
. قال ابن عباس :« مَنْ فرَّ من ثلاثة فلم يفر، ومن فَرَّ من اثنين فقد فرّ ».


الصفحة التالية
Icon