٢٧١١ - عَدَتْنِي عَنْ زيارتها العَوَادِي | وحَالَتْ دُونهَا حَرْبٌ زُبُونُ |
هذا هو قولُ جمهور اللغويين، على أنَّ أبا عمرو بن العلاء أنكر الضمَّ، ووافقه الأخفش، فقال :« لَمْ يُسْمَعْ من العرب إلاَّ الكسرُ ». ونقل أبو عبيد اللغتين، إلاَّ أنه قال : الضَّمُّ أكثرهما، وقال اليزيديُّ :« الكسر لغةُ الحجازِ » ؛ وأنشدوا قول أوس بن حجرٍ :[ البسيط ]
٢٧١٢ - وفَارسٍ لمْ يَحُلَّ القومُ عُدْوتَهُ | ولَّوْا سِرَاعاً ومَا هَمُّوا بإقْبَالِ |
وقُرىء شاذّاً « بالعِدْيَة » بقلب الواو ياءً لانكسار ما تقدَّمها، ولا يُعتبر الفاصلُ؛ لأنَّه ساكن، فهو حاجز غير حصين، وهذا كما قالوا :« هو ابن عمي دِنيا » بكسر الدَّال، وهو من الدنو، وكذلك : قِنْيَة، وصِبْيَة، وأصله السَّلامة، كالذِّرْوَة، والصِّفْوة والرِّبُوَة، وقد تقدَّم الكلام على لفظ « الدُّنْيَا ».
قول « القُصْوَى » تأنيث « الأقصى »، والأقصى : الأبعد، والقَصْوُ : البعد وللصَّرفيين عبارتان، إلبهما أن « فُعْلَى » من ذوات الواو، إن كانت اسماً أبدلَتْ لامُها ياءً، ثم يُمَثِّلُون بنحو : الدُّنْيَا، والعُلْيَا، والقُصْيَا، وهذه صفاتٌح لأنَّها من باب أفعل التَّفضيل، وكأنَّ العذر لهم أنَّ هذه وإن كانت في الأصْلِ صفاتٍ، إلاَّ أنَّها جرتْ مجرى الجوامد.
قالوا : وإنْ كانت « فُعْلَى » صفةً أقرَّتْ لامُها على حالها، نحو : الحُلْوى، تأنيث الأحلى ونصُّوا على أن « القُصْوَى » شاذة، وإن كانت لغة الحجاز، وأنَّ « القُصْيَا » قياسٌ وهي لغة تميم، وممَّنْ نصَّ على شذوذ :« القُصْوَى » يعقوب بن السِّكِّيت.
وقال الزمخشريُّ : وأمَّا « القُصْوَى » فكالقَوَد في مجيئه على الأصل، وقد جاء « القُصْيَا » إلاَّ أنَّ استعمال « القُصوى » أكثر، كما كثر استعمال « استصوب » مع مجيء « استَصَابَ »، و « أغيَلت » مع « أغَالَتْ » انتهى.
وقد قرأ زيد بن عليٍّ :« بالعُدْوةِ القُصْيَا » فجاء بها على لغة تميم، وهي القياسُ عند هؤلاء.
والعبارة الثانية - وهي القليلةُ - العكس، أي : إن كانت صفةً أبدلتْ، نحو : العُلْيَا والدُّنيا، والقُصْيا، وإن كانت اسماً أقرَّتْ؛ نحو « حُزْوَى » ؛ كقوله :[ الطويل ]
٢٧١٣ - أدَاراً بِحُزْوَى هِجْتِ للعَيْنِ عَبْرَةً | فَمَاءُ الهَوَى يرفَضُّ، أو يَتَرقْرَقُ |