فصل


احتج هشام بن الحكم على أنَّهُ تعالى لا يعلم الشَّيء إلاَّ عند حدوثه بهذه الآية، لأن قوله :﴿ إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً ﴾ فعل كذا، وكذا شرط وجزاء، والشَّرط هو حصول هذا العلم، والشرط والجزاء لا يصح حصولهما إلا في المستقبل، وذلك يوجب حدوث علم الله تعالى.
والجواب : أنَّ ظاهر اللفظ وإن كان يقتضي ما ذكره، إلاَّ أنه لمَّا دلَّ الدليلُ على أن علمالله يمتنع أن يكون محدثاً، وجب أن يقال : ذكر العلم وأراد به المعلوم من حيث إنَّه يدل حصول العلم على حصول المعلوم.
قوله تعالى :﴿ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ ﴾ الآية.
الضمير في « يريدوا » يعود على « الأسْرَى »، لأنهم أقربُ مذكور.
وقيل : على الجانحين.
وقيل : على اليهُود.
وقيل : على كُفَّار قريش.
قال ابن جريج : أراد بالخيانة الكفر أي : إن كفروا بك فقد كفروا باللَّهِ من قبل، فأمكن منهم المؤمنين ببدر حتى قتلوهم.
وقيل : أراد بالخيانة منع ما ضمنوا من الفداء.
قال الأزهريُّ : يُقالُ أمكنني الأمْرُ يُمْكنُنِي فهُوا مُمْكِنٌ، ومفعول الإمكان محذوف، والمعنى : فأمكن المؤمنين منهم يوم بدر حتى قتلوهم وأسروهم.
ثم قال :« واللَّهُ عليمٌ » أي : ببواطنهم وضمائرهم :« حَكِيمٌ » يجازيهم بأعمالهم.


الصفحة التالية
Icon