و « الألُّ » بالفتح : قيل : شدَّة القنوط. قال الهرويُّ في الحديث :« عجب ربكم من ألِّكُم وقُنوطكم ». قال أبو عبيدة : المحدِّثون يقولونه بكسر الهمزة، والمحفوظ عندنا فَتَحُها، وهو أشبَهُ بالمصادرِ، كأنَّه أرادَ : من شدَّة قنوطكم، ويجوزُ أن يكون من رفع الصَّوت، يقال : ألَّ يَؤُلُّ ألاَّ، وأللاً، وألِيلاً، إذا رفع صوته بالبكاء، ومنه يقال له : الويل والألِيل؛ ومنه قول الكميت :[ البسيط ]
٢٧٦١- وأنتَ مَا أنتَ فِي غَبْراءَ مُظْلِمَةٍ | إذَا دَعَتْ أَلَلَيْهَا الكَاعِبُ الفُضُلُ |
وقرأ فرقة « ألاَّ » بالفتح، وهو على ما ذكر من كونه مصدراً، من « ألَّ يَؤلُّ إذا عاهد. وقرأ عكرمة :» إيلاً « بكسر الهمزة، بعدها ياءٌ ساكنة، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنَّه اسمُ الله تعالى، ويُؤيِّده ما تقدم في :﴿ لِّجِبْرِيلَ ﴾ [ البقرة : ٩٧ ]، و ﴿ إِسْرَائِيلَ ﴾ [ البقرة : ٤٠ ] أنَّ المعنى : عبدُ اللهِ.
الثاني : يجوزُ أن يكون مشتقاً مِن : آل يَؤُولُ : إذا صَارَ إلى آخر الأمر، أو من : آل يؤولُ : إذا سَاسَ، قاله ابنُ جني، أي : لا يرقبون فيكم سياسةً ولا مُداراة، وعلى التقديرين سكنت الواو بعد كسرة فقُلبتء ياءً، ك :» ريح «.
الثالث : أنه هو » الإِلُّ « المضعف، وإنَّما اسْتُثقل التَّضعيفُ، فأبدل إحداهما حرف علةٍ، كقولهم : أمْلَيْتُ الكتاب، وأمْلَلْتُه.
وقال الشاعر :[ البسيط ]
٢٧٦٢- يَا لَيْتَمَا أمَّنَا شالتْ نَعامتُهَا | أيْمَا إلى جنَّةٍ أيْمَا إلى نَارِ |
٢٧٦٣-.......................... | وألْقَى قولَها كَذِباً ومَيْنَا |
٢٧٦٤-......................... | وهندٌ أتَى من دُونهَا النَّأيُ والبُعْدُ |
٢٧٦٥- يُصَيِّحُ بالأسْحَارِ في كلِّ صارةٍ | كمَا نَاشَدَ الذَّمَّ الكَفيلَ المُعَاهِدُ |
٢٧٦٦-.......................... | كَمَا نَاشَدَ الذَّمِّ.................... |
وقال الأزهري :» الذِّمَّة : الأمان «. وفي الحديث :» ويسعى بذمَّتِهم أدْناهُمْ «.
قال أبو عبيد :» الذِّمَّة : الأمانُ ههنا، يقول إذا أعطى أدنى الناسُ أماناً لكافر نفذَ عليهم، ولذلك أجاز عمر - رضي الله عنه - أمان عبدٍ على جميع العسكر «.