٢٧٨٠- ألَسْنَا النَّاسِئِينَ على مَعَدٍّ شُهُورَ الحِلِّ نجعَلُهَا حَرَامَا
وقال آخر :[ الكامل ]
٢٧٨١- نَسَئُوا الشُّهُورَ بها وكانُوا أهلهَا مِنْ قبلِكُم والعِزُّ لمْ يتحوَّلِ
قوله « يُضَلُّ بِهِ » قرأ الأخوان، وحفص « يُضَلُّ » مبنياً للمفعول وأبو عمرو في رواية ابن مقسم « يُضِلّ » مبنياً للفاعل، وفيه ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : يضل اللهُ به الذين كفروا.
والثاني : يضل الشيطان به الذين كفروا.
والثالث : يضل به الذين كفروا تابعيهم. والباقون مبنياً للفاعل، والموصول فاعل به. وقرأ ابن مسعود والحسن، ومجاهد، وقتادة ويعقوب، وعمرو بن ميمون « يُضِلّ » مبنياً للفاعل، من « أضَلَّ » وفي الفاعل وجهان :
أحدهما : ضمير الباري تعالى، أي : يُضِلُّ اللهُ الذين كفروا.
والثاني : أنَّ الفاعل « الذينَ كفرُوا » وعلى هذا فالمفعولُ محذوف، أي يُضل الذين كفروا أتباعهم.
وقرأ أبُو رجاء « يَضَلُّ » بفتح الياء والضَّاد، وهي مِنْ « ضَلِلْتُ » بكسر اللام، « أضَلُّ » بفتحها، والأَصْلُ « فَنُقِلت فتحة اللام إلى الضَّاد، لأجل الإدغام، وقرأ النَّخغي، والحسن في رواية محبوب » نُضِلُّ « بضم نون العظمة، و » الَّذشينَ « مفعول، وهذه تقوِّي أنَّ الفاعل ضمير الله في قراءة ابن مسعود.
قوله :»
يُحِلُّونه « فيه وجهان :
أحدهما : أنَّ الجملة تفسيريةٌ للضلال.
والثاني : أنها حاليةٌ. وقوله :»
ليواطِئُوا « في هذه اللام وجهان :
أحدهما : أنها متعلقةٌ ب »
يُحَرِّمُونَه « وهذا مقتضى مذهب البصريين فإنهم يعملون الثاني من المتنازعين.
والثاني : أنَّها تتعلَّق ب »
يُحِلُّونَهُ « وهذا مقتضى مذهب الكوفيين، فإنهم يعملون الأول، لسبقه. وقول من قال : إنَّها متعلقةٌ بالفعلين معاً، فإنَّما يعني من حيث المعنى، لا اللفظ. وقرأ أبُو جعفرٍ » ليُواطِئُوا « بكسر الطَّاءِ وضمِّ الياءِ الصَّريحة.
والصحيحُ أنه ينبغي أن يقرأ بضمِّ الطاء وحذف الياء؛ لأنَّه لمَّا أبدل الهمزة ياءً استثقل الضمة عليها فحذفها، فالتقى ساكنان، فحذفت الياء، وضمت الطاء، لتجانس الواو والمواطأة : الموافقةُ والاجتماع، يقال : تواطئوا على كذا، أي : اجتمعوا عليه كأنَّ كلَّ واحدٍ يَطَأ حيث يَطَأ الآخر، ومنه قوله تعالى :﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ الليل هِيَ أَشَدُّ وَطْأً ﴾ [ المزمل : ٦ ]. وسيأتي إن شاء الله تعالى.
وقرأ الزهريُّ »
لِيُواطِيُّوا « بتشديد الياء، هكذا ترجموا قراءته، وهي مشكلةٌ، فإن لم يُرِدْ به شدة بيان الياء، وتخليصها من الهمز دون التضعيف، فلا أعرف وجهها وهو كما قال.
قوله :»
زُيِّنَ « الجمهور على » زُيِّنَ « ببنائه للمفعول، والفاعل المحذوف هو الشيطان. وقرأ زيد بن علي » زَيَّن « ببنائه للفاعل، وهو الشيطان أيضاً، و » سوء « مفعوله.

فصل


معنى النَّسيء : هو تأخير تحريم شهر إلى شهر آخر، وذلك أنَّ العرب كانت تعتقد تعظيم الأشهر الحرم، وكان ذلك ممَّا تمسكت به من ملة إبراهيم، وكانت معايشهم من الصيد والغارة فكان يشق عليهم الكف عن ذلك ثلاثة أشهر متوالية، وربَّما وقعت لهم حرب في الأشهر الحرم، فيكرهون تأخير حربهم، فنسئوا، يعني : أخَّرُوا تحريم ذلك الشَّهر إلى شهر آخر، وكانوا يؤخِّرُون تحريم المحرم إلى صفر، فيحرمون صفر، ويستحلُّون المحرم فإذا احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر أخَّرُوه إلى ربيع الأوَّل؛ فكانوا يصنعون هكذا شهراً بعد شهر حتَّى استدار التَّحريم إلى السَّنة كلها، فقام الإسلامُ وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه اللهُ - عزَّ وجلَّ - وذلك بعد دهر طويل، فخطب النبيُّ ﷺ وقال :


الصفحة التالية
Icon