وقرأ أبي « مُنْدَخَلاً » بالنون بد الميم، من « انْدخَلَ » ؛ قال :[ البسيط ]

٢٧٩٨-...................... ولا يَدِي في حَميتِ السَّمْنِ تَنْدخِلُ
وأنكر أبو حاتم هذه القراءة عنه، وقال : إنَّما هي بالتاء، وهو معذورٌ، لأنَّ « انفعل » قاصر لا يتعدى، فكيف يبنى منه اسم مفعول؟ وقرأ الأشهب العقيلي « لوالَوْا »، أي : لتتابعوا وأسرعوا وكذلك رواها ابن أبي عبيدة بن معاوية بن نوفل، عن أبيه، عن جده وكانت له صحبة من الموالاة. وهذا مما جاء فيه « فعَّل »، و « فاعل » بمعنى، نحو : ضَعَّفْتُه، وضَاعَفْتُه.
قال سعيد بن مسلم : أظنها « لَوألُوا » بهمزة مفتوحة بعد الواو، من « وأل »، أي : التجأ وهذه القراءةُ نقلها الزمخشري عن أبيّ، وفسَّرها بما تقدم من الالتجاء. و « الجُموح » النُّفُور بإسراع؛ ومنه : فرس جمُوحٌ، إذا لم يرُدَّهُ لِجَامٌ؛ قال :[ المتقارب ]
٢٧٩٩- سَبُوحاً جَمُوحاً وإحْضَارُهَا كَمَعْمَعَةِ السَّعَفِ المُوقَدِ
وقال آخر :[ البسيط ]
٢٨٠٠- وقد جَمَحْتُ جِمَاحاً في دِمَائِهِمُ حتَّى رأيتُ ذوي أحْسابِهِمْ جَهَزُوا
وقرأ أنس بن مالك، والأعمش : يَجْمِزُون. قال ابن عطية يُهرولُونَ في مَشيهمْ وقيل : يَجْمِزُونَ، ويَجْمَحُونَ، ويشتدُّون بمعنى «.
وفي الحديث :»
فلمَّا أذْلقَتهُ الحجارةُ جَمَزَ « وقال رؤبة :[ الرجز ]
٢٨٠١- إمَّا تَرَيْنِي اليومَ أمَّ حَمْزٍ قَاربْتُ بين عَنقي وجمْزِي
ومنه »
يَعْدُو الجَمَزَى « وهو أن يجمع رجليه معاً، ويهمز بنفسه، هذا أصله في اللغة وقوله :» إليهِ « عاد الضميرُ على » الملجأ « أو على » المُدَّخل «، لأنَّ العطف ب » أوْ «، ويجوز أن يعود على » المغارات « لتأويلها بمذكر. ومعنى الآية : أنهم لو يجدون مخلصاً منكم أو مهرباً لفارقوكم.
قوله تعالى :﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات ﴾ الآية.
قرأ العامة »
يَلْمِزُكَ « بكسر الميم، من : لَمَزه يَلْمِزه، أي. عابه، وأصله : الإشارة بالعين ونحوها.
قال الأزهري أصله : الدفع، لَمَزتُهُ دفعته وقال الليث هو الغمز في الوجه ومنه : هُمزةٌ لُمَزَة. أي : كثيرُ هذين الفعلين. وقال أبو بكر الأصم »
اللَّمز : أن يشير إلى صاحبه بعيب جليسه. والهمز : أن يكسر عينه على جليسه إلى صاحبه «. وقرأ يعقوب، وحماد بن سلمة عن ابن كثير، والحسن، وأبو رجاء، ورويت عن أبي عمرو بضمها، وهما لغتان في المضارع. وقرأ الأعمش » يُلْمِزُكَ « مِنْ » الْمَز « رباعياً. وروى حماد بن سلمة » يُلامِزُكَ « على المفاعلة من واحدٍ، ك : سافرَ، وعاقب.
هذا شرح نوع آخر من طباعهم وأفعالهم، وهو طعنهم في الرسول بسبب أخذ الصدقات، ونزلت في ذي الخويصرة التميمي، واسمه : حرقوص بن زهير، أصل الخوارج.


الصفحة التالية
Icon