قال الواحديُّ إنَّ الله تعالى أغنى المسلمين عن تألف قلوب المشركين، فإن رأى الإمامُ في ذلك مصلحة يعود نفعها على المسلمين إذا كانوا مسلمين جاز، ويعطون من الفيء لا من الزَّكاة.
واعلم أنَّ المؤلفة قسمان، مسلمون وكفار، فأمَّا المسلمون فيعطون لأجل قوَّة إيمانهم أو معونتهم على أخْذِ الزَّكاة ممَّن امتنع عن دفعها، أو ترغيباً لأمثالهم في الإسلام وأما الكُفَّار؛ فيعطون ترغيباً لهم في الإسلام، أو خشية من شرهم، كما أعطى النبي ﷺ صفوان بن أمية لمَّا رأى من ميله في الإسلام.
قال الواحديُّ إنَّ الله تعالى أغنى المسلمين عن تألف قلوب المشركين، فإن رأى الإمامُ في ذلك مصلحة يعود نفعها على المسلمين إذا كانوا مسلمين جاز، ويعطون من الفيء لا من الزَّكاة.
وقال جماعةٌ من أهل العلم : إنَّ المؤلفة منقطعة، وسهمهم ساقط، روي ذلك عن عمر وهو قول الشعبي، وبه قال مالكٌ، والثوريُّ، وأصحاب الرأي وإسحاق بن راهويه وقال قومٌ : سهمهم ثابت مروي ذلك عن الحسنِ، وهو قول الزهري، وأبي جعفر محمد بن علي، وأبي ثور، وقال أحمدُ : يعطون إن احتاج المسلمون إلى ذلك.
قوله : وفِي الرقابِ قال الزجاجُ فيه محذوف، والتقديرُ :« وفي فك الرقاب » وقد تقدم الكلامُ في تفسير « الرقاب » في قوله :﴿ والسآئلين وَفِي الرقاب ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ]. ثمَّ في تفسير « الرقاب » أقوال :
أحدها : أنَّهم المكاتبون ليعتقوا من الزكاة، وقال مالكٌ وغيره : إنه لعتق الرقاب يشترى به عبيد فيعتقون. وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يعتق من الزكاة رقبة كاملة ولكن يعطى منها في رقبة ويعان بها مكاتب؛ لأن قوله :﴿ وَفِي الرقاب ﴾ يقتضي أن يكون له فيه مدخل، وذلك يُنَافِي كونه تاماً فيه، وقال الزهريُّ : سهم الرقاب نصفان، نصف للمكاتبين المسلمين، ونصفٌ يشترى به رقاب ممَّن صلوا وصاموا.
قال بعض العلماء : والاحتياط في سهم الرقاب دفعه إلى السَّيد بإذن المكاتب؛ لأنَّه تعالى أثبت الصدقات للأصناف الأربعة المتقدم ذكرهم بلام التمليك بقوله :﴿ إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين ﴾ ولمَّا ذكر « الرقاب » أبدل حرف اللام بحرف « في » فقال :« وفِي الرِّقابِ » فلا بدَّ لهذا الفرق من فائدة، وهي أنَّ الأصنافَ الأربعة يدفع إليهم نَصِيبُهُمْ. وأما الباقون فيصرف نصيبهم في المصالح المتعلقةِ بهم لا إليهم.
قال الزمخشري :« فإن قلت : لِمَ عدل عن اللاَّمِ إلى » فِي « في الأربعة الأخيرة؟ قلت : للإيذان بأنَّهم أرسخُ في استحقاقِ التصدُّق عليهم ممَّن سبق ذكرهُ؛ لأنَّ » في « للوعاء، فنبَّه على أنهم أحقاءُ بأن توضع فيهم الصدقات وجعله مظِنَّة لها ومصَبّاً ».