قال الترمذيُّ « حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم ».
قال القرطبي :« وفي الموطأ عن سعيد بن المسيِّب قال ثلاث ليس فيهن لعب النكاح والطلاق والعتق ».
قوله :«... إن نَعْفُ » قرأ عاصم « نَعْفُ » بنون العظمة، « نعذِّب » كذلك، « طَائفَة » نصباً على المفعول به، وهي قراءة أبي عبد الرحمن السُّلمي، وزيد بن علي. وقرأ الباقون « يُعْفَ » في الموضعين بالياء من تحت مبنياً للمفعول، ورفع « طَائفةٌ »، على قيامها مقام الفاعل والقائمُ مقام الفاعل في الفعل الأوَّلِ الجارُّ بعده. وقرأ الجحدريُّ « إن يَعْفُ » بالياء من تحت فيهما، مبنياً للفاعل، وهو ضميرُ الله تعالى، ونصب « طائفة » على المفعول به. وقرأ مجاهدٌ « تُعْف » بالتاء من فوق فيهما، مبنياً للمفعول، ورفع « طائفة »، لقيامها مقام الفاعل. وفي القائم مقام الفاعل في الفعل الأوَّل وجهان :
أحدهما : أنَّهُ ضمير الذنوب، أي : إن تُعْفَ هذه الذنوب.
والثاني : أنَّه الجارُّ، وإنَّما أنِّث الفعل حملاً على المعنى.
قال الزمخشريُّ « الوجه التذكير؛ لأنَّ المسند إليه الظرفُ، كما تقول : سِيرَ بالدَّابة، ولا تقول : سِيرت بالدَّابة، ولكنه ذهب إلى المعنى، كأنه قيل : إن تُرْحَمْ طائفة فأنَّث لذلك، وهو غريبٌ ».

فصل


قال مجاهدٌ : وابن إسحاق : الذي عُفِيَ عنه رجل واحد، وهو مخاشن بنُ حمير الأشجعي، يقال هو الذي كان يضحكُ ولا يخوض، وكان يمشي مجانباً لهم، وينكر بعض ما يسمع فلمَّا نزلت هذه الآية تاب من نفاقه، وقال : اللَّهُمَّ إني لا أزال أسمعُ آية تَقْرَعُني بها تقشعر الجلودُ، وتجب منها القلوبُ، اللهم اجعل وفاتي قتلاً في سبيلك، لا يقولُ أحدٌ : أنا غسلت، أنا كفنت، أنا دفنت، فأصيب يوم اليمامة ولم يعرف أحد من المسلمين مصرعه.

فصل


ثبت بالروايات أنَّ الطائفتين كانوا ثلاثة؛ فوجب أن تكون إحدى الطَّائفتين إنساناً واحداً. قال الزجاجُ : والطَّائفة في اللغةِ أصلها الجماعة؛ لأنَّها المقدار الذي يمكنها أن تطيف بالشيء ثم يجوز أن يسمى الواحد بالطائفة، قال تعالى ﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ المؤمنين ﴾ [ النور : ٢ ]. وأقله الواحد، وروى الفراء بإسناده عن ابن عباس أنه قال : الطائفة الواحد فما فوقه، وقال تعالى :﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ﴾ [ الحجر : ٩ ].
قال ابن الأنباري : العرب توقع لفظ الجمع على الواحد، فتقولُ : خرج فلانٌ إلى مكَّة على الجمال، وقال تعالى :﴿ الذين قَالَ لَهُمُ الناس ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ] يعني : نعيم بن مسعود، ثم إنه تعالى علَّل تعذيبه لهم :﴿ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾


الصفحة التالية
Icon