وقال الضَّحَّاكُ : هُم رهطُ عامر بن الطفيل جاءوا إلى رسول الله ﷺ دفاعاً عن أنفسهم، فقالُوا : يا نبيَّ الله : إنْ نحنُ غزونَا معك أغارت أعرابُ طيىءٍ على حلائلنا، وأولادنا، ومواشينا، فقال لهم رسُول الله ﷺ قد نَبَّأني الله من أخباركم، وسيغنيني الله عنكم.
وروى الواحديُّ عن أبي عمرو : أنَّهُ لمَّا قيل له هذا الكلام قال : إنَّ أقواماً تكلَّفُوا عُذْراً بباطل فهمُ الذين عناهم بقوله :« وَجَآءَ المعذرون »، وتخلَّف آخرون لا بعُذر ولا بشبهةِ عذرٍ جراءة على الله تعالى؛ فهم المرادون بقوله ﴿ وَقَعَدَ الذين كَذَبُواْ الله وَرَسُولَهُ ﴾، فأوعدهُم بقوله :﴿ سَيُصِيبُ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ ﴾ في الدُّنيا بالقتلِ، وفي الآخرة بالنَّارِ.
وإنَّما قال « مِنْهُم » ؛ لأنَّه تعالى كان عالماً بأنَّ بعضهم سيؤمن، فذكر بلفظة « مِنْ » الدَّالة على التَّبعيض.
وقرأ الجمهور « كَذبُوا » بالتَّخفيف، أي : كذبُوا في أيمانهم. وقرأ الحسنُ في المشهور عنه وأبيٌّ، وإسماعيل « كذَّبُوا » بالتَّشديد، أي : لَمْ يُصدِّقُوا ما جاء به الرَّسولُ عن ربِّه ولا امتثلوا أمره.