قال أبو البقاء :« قد يتعدَّى إلى ثلاثةٍ، والاثنان الآخران محذوفانِ تقديره : أخباراً من أخباركم مثبتة. و » مِنْ أخباركُم « تنبيه على المحذُوف وليست » مِنْ « زائدة، إذ لو كانت زائدة، لكانت مفعولاً ثانياً، والمفعول الثالث محذوفٌ، وهو خطأ، لأنَّ المفعول الثاني متى ذُكِر في هذا الباب لزم ذكرُ الثالث ».
وقيل :« مِنْ » بمعنى « عن ». قال شهابُ الدِّين « قوله : إنَّ حذف الثالث خطأ » إن عنى حذف الاقتصارِ فمُسلَّم، وإن عنى حذف الاختصار فممنوعٌ، وقد تقدَّم مذاهب النَّاس في هذه المسألة.
وقوله :﴿ قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ ﴾ علّة لانتفاءِ تصديقهم. ثم قال :﴿ وَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ﴾ فلمَ لَمْ يقل، ثُمَّ تردُّونَ إليْهِ؟.
فالجواب : أنَّ في وصفه تعالى بكونه ﴿ عَالِمِ الغيب والشهادة ﴾ ما يدلُّ على كونه مطلعاً على بواطنهم الخبيثة، وضمائرهم المملوءة بالكذب والكيد، وفيه تخويف شديد، وزجر عظيم لهم.


الصفحة التالية
Icon