وقال الفراء : إنَّما قال :« اثْنَتَيْ عَشْرَةَ » والسِّبْطُ مذكر؛ لأنَّ ما بعده « أمم » فذهب التأنيث إلى الامم، ولو كان « اثني عشر » لتذكير السبط لكان جائزاً.
واحتج النحويون على هذا بقوله :[ الطويل ]
٢٦٠١ - وإنْ قريشاً هذه عَشْرُ أبْطُنٍ | وأنْتَ بَرِيءٌ مِنْ قَبَائِلهَا العَشْرِ |
وقال الزَّجَّاج : المعنى : وقطَّعْنَاهُمْ اثنتي عشرةَ فرقةً أسْبَاطاً، من نعتِ فرة كأنَّهُ قال : جَعَلْنَاهُم أسباطاً وفرَّقناهم أسباطاً، وجوَّز أيضاً أن يكون « أسْبَاطاً » بدلا من اثْنَتَيْ عَشْرَةَ : وتبعه الفارسيُّ في ذلك.
وقال بعضهم : تقديرُ الكلامِ : وقطعناهم فرقاً اثْنَتَيْ عشرَةَ، فلا يحتاجُ حينئذٍ إلى غيره.
وقال آخرون : جعل كلَّ واحدٍ من الاثنتي عشرةَ أسباطاً، كما تقولُ : لزيد دراهم، ولفلانٍ دراهمُ : فهذه عشرون دراهم يعني أن المعنى على عشرينات من الدَّراهِم.
ولو قلت : لفلان، ولفلان، ولفلان عشرون درهماً بإفراد « درهم » لأدَّى إلى اشتراك الكُلِّ في عشرين واحدة، والمعنى على خلافه.
وقال جماعةٌ منهم البَغَوِيُّ :« في الكلامِ تقديمٌ وتأخير تقديره : وقطعناهم أسباطاً أمماً اثنتي عشرة ».
وقوله : أثمماً إمَّا نعتٌ ل « أسْبَاطاً »، وإمَّأ بدل منها بعد بدلٍ على قولنا : إنَّ « اسْبَاطاً » بدلٌ من ذلك التَّمييز المقدَّر. وجعلهُ الزمخشريُّ أنه بدل من « اثْنَتَيْ عَشْرَة » ؛ قال : بمعنى :« وقطَّعْنَاهم أمَماً »، لأنَّ كل أسباط كانت أمَّةً عظيمةً وجماعة كثيفة العدد، وكلُّ واحد تؤمُ خلاف ما تؤمُّهُ الأخرى فلا تكادُ تأتلف «. انتهى.
وقد تقدَّم القولُ في » الأسْبَاط «.
وقرأ أبان بنُ تغلبَ » وقَطَعْنَاهُمْ « بتخفيف العينِ والشَّهيرةُ أحسن؛ لأنَّ المقامَ للتَّكثيرِ، وهذه تحتمله أيضاً.
وقرأ الأعمش وابن وثَّابِ، وطلحة بنُ سليمان » عَشِرَة « بكسر الشِّينِ، وقد رُوي عنهم فَتْحُها أيضاً، ووافقهم على الكسر فقط أبُو حَيْوَةَ، ولطحة بن مصرف.
وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك في البقرة [ ٦٠ ]، وأنَّ الكسر لغةُ تميم والسُّكُونَ لغةُ الحجاز.
قوله :﴿ وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى إِذِ استسقاه قَوْمُهُ ﴾. وتقدمت هذه القصَّةُ في البقرةِ.
» أن اضرب « يجوز في » أنْ « أن تكون المفسِّرة للإيحاء، وأن تكون المصدرية.
قال الحسنُ : ما كان إلاَّ حجراً اعترضه وإلاَّ عصاً أخذها.
وقوله :» فانبجَسَتْ « كقوله :» فانْفَجَرتْ « إعراباً وتقديراً ومعنىً، وتقدَّم ذلك في البقرة.
وقيل : الانبجَاسَ : العرق.
قال أبو عمرو بنُ العلاءِ :» انبَجَستْ « : عَرِقَتْ، وانفَجَرَتْ : سالتْ. ففرَّق بينهما بما ذُكر.
قال المفسِّرون : إنَّ موسى - عليه الصَّلاة والسَّلام كان إذا ضرب الحجر ظهر عليه مثلُ ثَدْي المرأة فَيَعْرَقُ ثُمَّ يسيل، وهُمَا قَرِيبَان من الفرقِ المذكور في النَّضْح والنَّضْخ.