وقالت المعتزلة : المراد من هذا الإضلال، الحكم عليهم بالضلال؛ واحتجُّوا بقول الكميت :[ الطويل ]

٢٨٥٢- وطَائِفَةٍ قَدْ أكفرُونِي بحُبِّكُم ........................
قال ابنُ الأنباري « وهذا التَّأويلُ فاسدٌ؛ لأنَّ العرب إذا أرادوا ذلك المعنى قالوا : ضلل يضلل، واحتجاجهم ببيت الكميت باطلٌ؛ لأنه يلزم من قولنا : أكفر في الحُكْم صحة قولنا : أضَلّ. وليس كل موضع صح فيه » فعل « صح فيه » أفعل «. فإنَّه يجوزُ أن يقال » كسر «، و » قتل «، ولا يجوزُ » أكْسَرَ «، و » أقْتَلَ « ؛ بل يجبُ فيه الرُّجوع إلى السماع ».
قوله :﴿ إِنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ الآية.
فيها فوائد :
أحدها : أنَّه تعالى لمَّا أمر بالبراءة من الكُفَّارِ، بيَّن أنَّه له ملك السموات والأرض، فإذا كان هو ناصركم فهم لا يقدرون على إضراركم.
وثانيها : أنَّ المسلمين قالوا : لمَّا أمرتنا بالانقطاع عن الكُفَّار؛ فحينئذٍ لا يمكننا أن نختلط بآبائنا، وأولادنا، وإخواننا، فكأنَّهُ قيل : إن صرتم محرومين عن معاونتهم ومناصرتهم، فالإله المالكُ للسَّمواتِ والأرضِ، المُحْيِي المُمِيت ناصركم؛ فلا يضركم انقطاعهم عنكم.
وثالثها : أنَّهُ تعالى لمَّا أمر بهذه التكاليف الشَّاقة كأنَّهُ قال : وجب عليكم أن تنقادوا لحكمي، لكوني إلهكم، ولكونكم عبيداً لي.


الصفحة التالية
Icon