وقرأ ابنُ وثَّاب :« وَرِدُّوا » بكسر الرَّاء، تشبيهاً للعين المضعفة بالمعتلَّة، نحو :« قيل » و « بيع »، ومثله :[ الطويل ]

٢٩٠٢- ومَا حِلَّ مِنْ جَهْلٍ حُبَا حُلمائِنَا ................................
بكسر الحاء، وقد تقدَّم بيانُ ذلك [ البقرة : ١١ ].
قوله :« إِلَى الله » لا بُدَّ من مضاف، أي : إلى جزاءِ الله، أو موقف جزائه.
والجمهور على « الحقِّ » جرًّا، وقرئ منصوباً على أحد وجهين :
إمَّا القطع، وأصله أنَّه تابعٌ، فقطع بإضمار « أمدح »، كقولهم : الحمدُ لله أهل الحمد.
وإمَّا أنَّه مصدرٌ مؤكِّدٌ لمضمونِ الجملة المتقدمة، وهو « رُدُّوا إلى الله » وإليه نحا الزمخشريُّ. قال : كقولك :« هذا عبدُ الله الحَقُّ، لا الباطل » على التَّأكيد؛ لقوله :« رُدُّوا إلى اللهِ ».
وقال مكِّي :« ويجوزُ نصبهُ على المصدر، ولم يُقرأ به »، وكأنَّه لم يطلع على هذه القراءة، وقوله :« مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ » « مَا » تحتمل الأوجُه الثلاثة.
المعنى :« هُنالِكَ » : في ذلك الوقت، « نَبْلُو » أي : نختبر، والمعنى : يفعلُ بها فعل المختبر، وعلى القراءة الأخرى : أنَّ كلَّ نفس نختبر أعمالها، في ذلك الوقت.
﴿ وردوا إِلَى الله ﴾ أي : رُدُّوا إلى جزاءِ الله، قال ابن عبَّاسٍ :« مولاهُمُ الحقّ » أي : الذي يجازيهم بالحق، وقيل : جعلوا ملجئين إلى الإقرار بإلاهيته، ﴿ مَوْلاَهُمُ الحق ﴾ [ الأنعام : ٦٢ ] في الأنعام. « وضلَّ عَنْهُم » : زال وبطل، « مَّا كانُوا يفْتَرون » أي : يعبدون، ويعتقدُون أنهم شفعاء، فإن قيل : قد قال :﴿ وَأَنَّ الكافرين لاَ مولى لَهُمْ ﴾ [ محمد : ١١ ]، قيل : المولى هناك هو الناصر، وههنا بمعنى الملك.


الصفحة التالية
Icon