قال ابنُ عباسٍ « أبَوْا أن يرجعوا عن المعصية » والعُتو : هو الإباء والعصيان.
فإن قيل : إذا عتوا عمَّا نُهُوا عنه فقد أطاعوا؛ لأنَّهُم أبوا عمَّا نُهُوا عنه، وليس المراد ذلك.
فالجواب : ليس المراد أنهم أبوا عن النهي، بل أبوا عن امثتال ما أمروا به.
وقوله :﴿ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾.
قال بعضهم ليس المراد منه القول؛ بل المراد منه أنه تعالى فعل ذلك.
قال : وفيه دلالة على أن قوله :﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [ النحل : ٤٠ ] هو بمعنى الفعل لا الكلام.
وقال الزجاج أمِرُوا بأن يكُونُوا كذلك بقول سمع، فيكون أبلغ.
قال ابنُ الخطيب : وحمل هذا الكلام على الأمر بعيد؛ لأنَّ المأمور بالفعل يجبُ أن يكون قادراً عليه، والقوم ما كانوا قادرين على أن يقلبوا أنفسهم قردة.

فصل


قال ابنُ عبَّاسٍ : أصبح القوم قردةً خاسئين؛ فمكثوا كذلك ثلاثة أيَّام تراهم النَّاس
ثمَّ هلكوا، ونقل عن ابن عبَّاسٍ : أن شباب القوم صاروا قردة، والشُّيُوخ خنازير، وهذا خلاف الظَّاهر.


الصفحة التالية
Icon