فإن قيل : كيف يلزم الحجة وأحدٌ لا يذكر الميثاقَ؟
فالجوابُ : أن الله تعالى قد أوضح الدَّلائل على وحدانيته وصدق رسله فيما أخبروا، فمن أنكره كان معانداً ناقضاً للعهد، ولزمته الحجة، وبنسيانهم وعدم حفظهم لا يسقط الاحتجاج بعد إخبار المخبر الصادق صاحب المعجزة.
قوله :﴿ أَوْ تقولوا إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ ﴾.
قال المفسرون : المعنى أنَّ المقصود من هذا الإِهاد ألاَّ يقول الكفار إنما أشركنا لأنَّ آباءنا أشركوا فقلَّدناهم فكان الذَّنب لآبائنان فكيف تعذبنا على هذا الشرك، وهو المراد من قوله ﴿ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المبطلون ﴾ والحاصل : أنه تعالى لمَّا أخذ عليهم الميثاق، امتنع عليهم التسمك بهذا العذر، وأمَّا الذين حملوا الآية على أن المراد منه مجرد نصب الدلائل، قالوا : معنى الآية : إنَّ نصبنا الدلائل وأظهرنا للعقول كراهة أن يقولوا يوم القيامة :﴿ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ ﴾ ما نبَّهنا عليه مُنبِّهٌ، أو كراهة أنْ يقولوا : إنَّما أشركنا على سبيل التَّقليد لأسلافنا؛ لأنَّ نصب الأدلَّةِ على التَّوحيد قائمٌ مقام منعهم.
ثم قال :﴿ وكذلك نُفَصِّلُ الآيات ﴾ أي : أن مثل ما فصَّلنا وبينَّا في هذه الآية بين سائر الآيات ليتدبَّرُوا فيرجعوا إلى الحقّ.
وقرأ فرقة يُفَصِّل بياء الغيبة، وهو الله تعالى.