٢٦٤٧ - هَجَوْتَ زبَّانَ ثُمَّ جِئْتَ مُعْتَذِراً | مِنْ هَجْوِ زبَّان لَمْ تَهْجُوا ولمْ تَدَعِ |
قوله :« لا يَتَّبِعُوكُم » قرأ نافع بالتخفيف، وكذا في الشعراء ﴿ يَتْبَعُهُمْ ﴾ [ ٢٤٤ ].
والباقون بالتشديد، فقيل : هما لغتان، ولهذا جاء في قصة آدم :﴿ فَمَن تَبِعَ ﴾ [ البقرة : ٣٨٥ ] وفي موضع ﴿ أَفَمَنِ اتبع ﴾ [ طه : ١٣٢ ].
وقيل : تَبع اقتفى أثره، واتَّبعه بالتشديد : اقتدى به والأول أظهر.
ثُمَّ أكَّد الكلام فقال :﴿ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ ﴾ والمعنى : سواء عليكم أدعوتموهم إلى الدِّين أم أنتم صامتون عن دعائهم، لا يؤمنون، كقوله :﴿ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ البقرة : ٦ ] وعطف قوله :﴿ أَمْ أنْتُمْ صَامِتُونَ ﴾ وهي جملةٌ اسمية على أخرى فعلية؛ لأنَّها في معنى الفعليَّة، والتقدير : أمْ صَمَتُّم؟
وقال أبُو البقاءِ : جملة اسميَّة في موضع الفعليَّة، والتقديرُ : أدعوتموهم أم صَمَتُّم؟
وقال ابنُ عطيَّة : عطف الاسم على الفعل؛ إذ التقدير : أمْ صَمَتُّم؛ ومثله قول الشاعر :[ الطويل ]
٢٦٤٨ - سَوَاءٌ عَليْكَ النَّفْرُ أم بِتَّ لَيْلَةً | بأهْلِ القبابِ مِنْ نُمَيْرِ بنِ عامرِ |
ويقال : صَمِتَ، بالكسرِ، يَصْمَتُ بالفتح والمصدر الصَّمْتُ والصُّمات، وإصمت، بكسر الهمزة والميم : اسمُ فلاة معروفة، وهو منقولٌ من فعل الأمر من هذه المادة، وقد ردَّ بعضهم هذا بأنَّه لو كان منقولاً من الأمر لكان ينبغي أن تكون همزته همزة وصل، ولكان ينبغي أن تكون ميمه مضمومة، إن كان من « يَصْمُتُ » أو مفتوحة إن كان من « يَصْمَتُ » ؛ ولأنَّهُ ينبغي ألاَّ يؤنث بالتَّاءِ، وقد قالوا : إصْمِتَة.
والجوابُ أنَّ فعل الأمر يجبُ قطعُ همزته إذا سُمِّيَ به نحو : اسْرُب؛ لأنَّهُ ليس لنا من الأسماءِ ما همزته للوصل إلاَّ أسماءٌ عشرة، ونوع الانطلاق من كل مصدر زاد على الخمسة وهو قليلٌ، فالإلحاقُ بالكثير أولَى، وأمَّا كَسْرُ الميم فلأنَّ التغيير يُؤنِسُ بالتَّغيير وكذلك الجوابُ عن تأنيثه بالتَّاءِ.