أي : حج إليه، وقال آخر :[ الرجز ]
٢٦٥٩ - فأبْلِغَنَّ خَالدَ بنَ نَضْلَةٍ | والمَرْءُ مَعْنِيٌّ بِلوْمِ مَنْ يَثقْ |
وإذا ثبت أنَّ الضمير يُحْذَف في مثل هذه الأماكن، وإن لم يكمل شرطُ الحذف فلهذه القراءة الشاذة في التخريج المذكور أسوةٌ بها.
والثالث : أن يكون الخبر محذوفاً تقديره : إنَّ وليَّ الله الصَّالحُ، أو من هو صالح وحذف، لدلالة قوله :﴿ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين ﴾ وكقوله :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر ﴾ [ فصلت : ٤١ ] أي : معذبون، وكقوله ﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ ﴾ [ الحج : ٢٥ ].
فصل
المعنى ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ الله الذي نَزَّلَ الكتاب ﴾ يعني القرآن، أي : يتولاّني وينصرني كما أيَّدني بإنزال الكتاب ﴿ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين ﴾ قال ابنُ عباسٍ :« يريد الذين لا يعدلُون بالله شيئاً، فاللَّهُ يتولاهم بنصره ولا يضرهم عداوة من عاداهم ».
قوله :﴿ والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ ولاا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ﴾.
وفيه قولان :
الأول : أن المراد منه وصف الأصنام.
فإن قيل : هذه الأشياءُ مذكورة في الآيات المتقدمة، فما الفائدةُ في تكريرها؟
فالجوابُ : قال الواحديُّ : إنَّما أعيد؛ لأنَّ الأول مذكوررٌ للتَّقريع، وهذا مذكورٌ للفرق بين من تجوز له العبادة ومن لا تجوز، كأنَّهُ قيل : الإله المعبودُ يجبُ أن يكون بحيثُ يتولّى الصَّالحين، وهذه الأصنام ليست كذلك فلا تكن صالحة للإلهية.
القول الثانيك أنَّ هذه الأحوال المذكورة صفات لهؤلاء المشركين الذين يدعون غير اللَّهِ يعني أنَّ الكفار كانُوا يخوفون رسول الله وأصحابه، فقال تعالى : إنهم لا يقدرون على شيء بل إنهم قد بلغوا في الجهل والحماقة إلى أنك لو دعوتهم وأظهرت أعظم أنواع الحجة والبرهان لم يسمعوا ذلك بعقولهم ألبتة.
فإن قيل : لَمْ يتقدَّم ذكر المشركين، وإنما تقدَّم ذكر الأصنام فكيف يصح ذلك؟
والجوابُ : أن ذكرهم تقدم في قوله تعالى :﴿ قُلِ ادعوا شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ ﴾ [ الأعراف : ١٩٥ ].
قوله :﴿ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ﴾ فإن حملنا هذه الصفات على الأصنام فالمرادُ من كونها ناظرة كونها مقابلة بوجهها وجوه القوم من قولهم : جبلان متناظاران أي : مُتقابلان، وإن حملناها على المُشركين أي إنهم وإن كانُوا ينظرون إلى النَّاسِ إلاَّ أنهم لشدَّةِ إعراضهم عن الحقِّ لم ينتقعوا بذلك النَّظِر، والرُّؤيةِ؛ فصاروا كأنَّهُمْ عمي.