و « شيئاً » مصدرٌ، أي : شيئاً من الضَّرر.
والمعنى : أنَّ إهلاككم لا ينقصُ من ملكه شيئاً، لأنَّ وجودكم وعدمكم عنده سواء.
وقيل : لا تضرونهُ شيئاً بتوليكم وإعراضكم، إنما تضرُّون أنفسكم ﴿ إِنَّ رَبِّي على كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ أي : يحفظ أعمال العباد حتى يجازيهم عليها. وقيل : يحفظني من شركم ومكركم. وقيل : حفيظ من الهلاكِ إذا شاء، ويهلك إذا شاء.
قوله :﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا ﴾ أي : عذابنا، وهو ما نزل بهم من الريحِ العقيمِ، عذَّبهم الله بها سبع ليال، وثمانية أيَّام، تدخلُ في مناخرهم وتخرجُ من أدْبَارهم وتصرعهم على الأرض على وجوههم حتى صارُوا ﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ٧ ].
﴿ نَجَّيْنَا هُوداً والذين آمَنُواْ مَعَهُ ﴾ وكانُوا أربعة آلاف « بِرَحْمَةٍ مِنَّا » بنعمة مِنَّا. وقيل : المراد بالرحمة : ما هداهُم إليه من الإيمان. وقيل : المرادُ أنَّهُ لا ينجو أحد، وإن اجتهد في الإيمان والعمل الصالح إلاَّ برحمةٍ من الله تعالى.
ثم قال :﴿ وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ فالمرادُ بالنَّجاةِ الأولى : هي النَّجَاةُ من عذاب الدُّنيا، والنَّجاةُ الثانية من عذاب القيامةِ.
والمرادُ بقوله :« ونَجَّيْنَاهُم » أي : حكمنا بأنَّهُم لا يستحقون ذلك العذاب الغليظ.


الصفحة التالية
Icon