والتَّسْويم : العلامةُ. قيل : عُلِّم على كُلِّ حجرٍ اسمُ من يرمي به وتقدَّم اشتقاقُه في آل عمران [ ١٤ ] في قوله :﴿ والخيل المسومة ﴾ وقال الحسنُ والسديُّ : كان عليها أمثال الخواتيم. قال أبو صالحٍ : رأيتُ منها عند أم هانىء، وهي حجارة فيها خطوط حمرٌ على هيئة الجَزْع. وقال ابنُ جريجٍ : كان عليها سيماء لا تشبه حجارة الأرض.
و « عِنْدَ » إمَّا منصوبٌ ب « مُسَوَّمَةً »، وإمَّا بمحذوفٍ على أنَّها صفةٌ ل « مُسَوَّمَةً ».
وقله :« ومَا هِيَ » الظَّاهرُ عودُ هذا الضمير على القرى المهلكة. وقيل : يعودُ على الحِجَارة وهي أقربُ مذكور. وقيل : يعودُ على العُقوبةِ المفهومة من السِّياقِ، ولَمْ يُؤنِّثْ « بِبَعيدٍ » إمَّا لأنَّهُ في الأصل نعتٌ لمكانٍ محذوف تقديره : وما هي بمكانٍ بعيدٍ بل هو قريبٌ، والمرادُ به السَّماء أو القُرَى المهلكة، أي : وما تلك القرى المهلكة من كفَّار مكة - ببعيدٍ؛ لأنَّ تلك القرى في الشَّام، وهي قريب من مكَّة، وإمَّا لأنَّ العقوبة والعقاب واحدٌ، وإمَّا لتأويل الحجارة بعذابٍ أو بشيءٍ بعيدٍ، والمراد بالآية كفار مكة، أي أنه تعالى يرميهم بهذه الحجارة.
قال أنس بن مالك سأل رسول الله ﷺ جبريل عن هذا فقال :« مَا مِنْ ظالمٍ إلاَّ وهو بمعرض حجرِ يسقطُ عليه من ساعةٍ إلى ساعةٍ ».
وقال قتادةُ وعكرمةُ : يعنى ظالمي هذه الأمة، والله ما أجار اللهُ منها ظالماً. روي : أنَّ الحجر اتَّبع شُذَّاذهم ومسافريهم أين كانوا في البلادِ، ودخل رجلٌ منهم الحرم، فكان الحجرُ معلقاً بين السَّماء والأرض أربعين يوماً حتى خرج؛ فأصابه فأهلكه.


الصفحة التالية
Icon