والظَّاهر أنَّ « مَا » نافية، أي : لم تُغْن. ويجوز أن تكون استفهاميةً، و « يَدْعُونَ » حكاية حال، أي : التي كانُوا يدعُون، و « مَا زادُهُمْ » الضًَّميرُ المرفوع للأصنام، والمنصوبُ لعبدتها وعبَّر عنهم بواو العقلاء؛ لأنهم نزَّلُوهم منزلتهم.
والتَّتبِيْتُ : التَّخسيرُ، يقالُ : تبَّ الرجلُ غيره إذا أوقعه في الخسران. يقال تَبَّبَ غيره وتبَّ هو بنفسه، فيستعمل لازماً ومتعدياً، ومنه « تَبَّتْ يدا أبيِي لهبٍ وتبَّ ».
وتَبَّيْتُهُ تَتْبِيباً، أي : خسَّرته تَخْسِيراً قال لبيدٌ :
٣١٠٥- ولقَدْ بَلِيتُ وكُلُّ صاحبِ جدَّةٍ | لِبِلًى يعُودُ وذاكُمُ التَّتْبِيبُ |
قوله :﴿ وكذلك ﴾ خبرٌ مقدَّم، و « أخْذُ » مبتدأ مؤخر، والتقدير : ومثلُ ذلك الأخْذِ أي : أخْذِ الله الأمم السَّالفة أخذُ ربك.
و « إذا ظرفُ متحِّض، ناصبه المصدر قبله، وهو قريبٌ من حكاية الحالِ، والمسألةُ من بابِ التنازع فإنَّ الأخذ يطلب » القُرَى «، و » أخْذ « الفعل أيضاً يطلبها، وتكون المسألة من إعمال الثاني للحذف من الأوَّلِ.
وقرأ عاصمٌ وأبو رجاء والجحدريُّ » أَخَذَ ربك، إذا أخذَ « جعلهُما فعلين ماضيين، و » رَبُّك « فاعل وقرأ طحلةُ بن مصرف كذلك إلاَّ أنَّهُ ب » إذَا «.
قال ابن عطيَّة وهي قراءةٌ متمكنة المعنى، ولكن قراءة الجماعةِ تُعْطِي الوعيد، واستمراره في الزَّمانِ، وهوالباب في وضع المستقبل موضع الماضي.
وقوله :» وهِيَ ظالمةٌ « جملةٌ حاليّة. والضميرُ في » وهِيَ ظالمةٌ « عائد إلى القُرَى، وهو في الحقيقة عائد إلى أهلها، كقوله :﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً ﴾ [ الأنبياء : ١١ ] ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ﴾ [ القصص : ٥٨ ].
ثم لمَّا بيَّن كيفية أخذ الأمم الظَّالمة أكَّده بقوله :﴿ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ فوصف ذلك العذاب بالإيلامِ وبالشدَّةِ.