٣٠٣٣- ألاَ رَجُلاً جزاهُ اللَّهُ خَيْراً يَدُلُّ عَلى مُحَصِّلةٍ تَبِيتُ
هل هو منصوب بفعل مقدَّر، أو نوِّن ضروةً؟ فاختار الخليلُ إضمار الفعلِ، واختار يونس التنوين للضَّرورة، وقدَّرهُ بعضهم بعد « لمَّا » من لفظ :« ليُوفِّينَّهُم »، والتقدير : وإن كلاً إلاَّ ليوفِّينَّ ليُوفِّينَّهم. وفي هذا التقدير بعدٌ كبيرٌ أو امتناع؛ لأنَّ ما بعد « إلاَّ » لا يعمل فيما قبلها، واستدل على مجيء :« لمَّا » بمعنى :« إلاَّ » بنصِّ الخليل وسبويه على ذلك ونصره الزَّجَّاج. قال بعضهم : وهي لغةُ هذيل، يقلولون : سألتك بالله لمَّا فعلت أي : إلاَّ فعلت.
وأنكر الفرَّاء وأبو عبيدة وردود :« لمَّ » بمعنى :« إلاًّ » قال أبو عبيدٍ :« أمَّا من شدَّد » لمَّا « بتأويل » إلاَّ « فلمْ نجدْ هذا في كلام العربِ، ومن قال هذا لزمهُ أن يقول : قام القوم لمَّا أخاك، يريدُ : إلاَّ أخاكَ، وهذا غيرُ موجودٍ » وقال الفرَّاءُ :« وأمَّا من جعل » لمَّا « بمنزلة » إلاَّ « فهو وجهُ ضعيفٌ، وقد قالت العربُ في اليمين : بالله لمَّا قمت عنا، وإلاَّ قمت معنا، فأمَّا في الاستثناء فلم تقله في شعر، ولا غير غيره، ألا ترى أنَّ ذلك لو جاء لسمعت في الكلام : ذهب النَّاسُ لمَّا زيداً » فأبو عبيد أنكر مجيء « لمَّاط بمعنى » إلاَّ « مُطلقاً، والفراء جوَّز ذلك في القسم خاصةً، وتبعه الفرسي في ذلك، فقال- في تشديد » لمَّا « ههنا- :» لا يصلحُ أن تكونَ بمعنى « إلاَّ »، لأنَّ « لمَّا » هذه لا تفارق القسم « وردَّ النَّاس قوله بما حكاه الخليل وسيبويه، وبأنَّها لغة هُذيْل مطلقاً، وفيه نظرٌ، فإنَّهُمْ لمَّا حكوا لغة هذيل حكوها في القسم كما تقدّضم من نحو : نشدتك بالله لمَّا فعلت، وأسألك بالله لمَّا فعلت. وقال أبو علي أيضاً مستشكلاً لتشديد :» لمَّا « في هذه الآية على تقدير أنَّ » لمَّا « بمعنى » إلاَّ « لا تختص بالقسم ما معناه : أنَّ لتشديد :» لمَّا « في هذه الآية على تقدير أنَّ » لمَّا « بمعنى » إلاَّ « لا تختص بالقسم ما معناه : أنَّ تشديد » لمَّا « ضعيفٌ سواء شدَّدت » إن « أم خفَّفت، قال :» لأنَّه قد نُصِبَ بها « كلاً »، وإذا نصب بالمُخَفَّفةِ كانت بمنزلة المثقلة، وكا لا يَحْسُن : إنَّ زيداً إلاَّ منطلق؛ لنَّ الإيجابَ بعد نفي، ولم يتقدَّم هنا إلاَّ إيجاب مؤكدة، فكذا لا يحسن : إنَّ زيداً لمَّا منطلق، لأنَّهُ بمعناه، وإنَّما ساغ : نشدتُك الله إلاَّ فعلت، ولمَّا فعلت؛ لأنَّ معناه الطَّلب، فكأنَّهُ قال : ما أطلبُ منك إلاَّ فِعْلك، فحرفُ الن َّفي مرادٌ مثل


الصفحة التالية
Icon