قال أبو حيان : والظَّاهر أنَّ « ما » موصولةٌ؛ ولذلك عاد الضميرُ عليها في قوله :﴿ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ ﴾ ولو كانت مصدرية، بقي الضمير غير عائدٍ على مذكور؛ فتحتاج أن يُتكلَّفَ ما يعود عليه الضمير.
قال شهاب الدِّين - رحمه الله - :« الشيخ بناه على قول جمهور النُّحاة : في عدم كونِ » ما « المصدريَّة اسماً؛ فيعُود عليها ضميرٌ، وقد تقدَّم مراراً، أنَّ مذهب الأخفش، وابن السراج : أنَّها اسمٌ فيعود عليها الضمير ».
قرأ العامَّةُ :« نَطْبَع » بالنُّون الدَّالة على تعظيم المتكلِّم. وقرأ العبَّاس بن الفضل : بياء الغيبة، وهو الله - تعالى -؛ ولذلك صرَّح به في موضعٍ آخر :﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله ﴾ [ الأعراف : ١٠١ ]. والكافُ نعتٌ لمصدر محذوف، أو حالٌ من ذلك المصدر على حسب ما عرفته من الخلاف، أي : مثل ذلك الطَّبع المحكم الممتنع زواله، نطبع على قلوب المعتدين على خلق الله.
فصل
احتجَّ أهل السُّنَّة على أنَّه - تعالى - قد يمنع المكلَّلإ عن الإيمان بهذه الآية.
قالت المعتزلة : فقد قال - تعالى - :﴿ بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [ النساء : ١٥٥ ] ولو كان هذا الطَّبع مانِعاً، لما صحَّ هذا الاستثناء، وقد تقدَّم البحث في ذلك عند قوله - تعالى - :﴿ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ ﴾ [ البقرة : ٧ ].