قال البغوي رحمه الله : تقديره : إنَّك من القوم الخاطئين، ولم يقصد به الخبر عن النِّساء؛ بل قصد الخبر عن كُلِّ من يعفعلُ ذلك؛ كقوله تعالى :﴿ وَكَانَتْ مِنَ القانتين ﴾ [ التحريم : ١٢ ]، وبيانه قوله :﴿ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾ [ النمل : ٤٣ ].
قوله تعالى :« يُوسُفُ »، منادى محذوفٌ منه حرفُ النداءِ. قال الزمشخريُّ :« لأنه منادى قريب مقاطن للحديث، وفيه تقريبٌ له، وتلطيفٌ بمحله » انتهى.
وكُلُّ منادي يجوز حذف حرفُ النِّداء منه، إلا الجلالة المعظمة، واسم الجنس غالباً، والمستغاثَ، والمندوب، واسم الإشارة عند البصريين، وفي المضمر إذا نودِيَ.
والجمهورُ على ضمِّ فاءِ يوسف ﷺ ؛ لكونه مفرداً معرفةً، وقرأ الأعمش بفتحها، وقيل لم تثبت هذه القراءة عنه، وعلى تقدير ثبوتها، فقال أبو البقاء : فيها وجهان :
أحدهما : أن يكون أخرجه على أصل المنادى؛ كما جاء في الشِّعر :[ الخفيف ]
٣٠٧٨.................. | يَا عَدِيًّا لقَدْ وقَتْكَ الأوَاقِي |
والثاني، وجعله الأشبه : أن يكون وقف على الكلمة، ثم وصل، وأجرى الوصل مجرى الوقف؛ فألقى حركة الهمزة على الفاء، وحذفها؛ فصار اللفظ بها :« يُوسفَ أعْرض » ؛ وهذا كما حي :« اللهُ أكبرَ، أشْهَدَ ألاّ »، بالوصلِ والفتح في الجلالةِ وفي « أكْبر »، وفي أشْهد « ؛ وذلك أنه قدَّر الوقف على كل كلمة من هذا الكلم، وألقى حركة الهمزة [ من ] كل من الكلمِ الثَّلاث، على السَّاكن قبله، وأجرى الوصل مجرى الوقف في ذلك.
والذي حكوه الناسُ، إنَّما هو في » أكْبَر « خاصَّة؛ لأنَّها مظنة الوقف، و تقدم ذلك في سورة آل عمران [ الآية : ١ ].
ورىء » يُوسفُ أعْرضَ « بضمِّ الفاءِ، و » أعْرضَ « فعلاً ماضياً، وتخريجها أن يكون » يُوسفُ « مبتدأ، و » أعْرضَ « جلمة من فعلٍ وفاعلٍ خبره.
قال أبو البقاءِ :» وفيه ضعفٌ؛ لقوله :« واسْتَغْفرِي »، وكان الأشبه أن يكون بالفاء :« فاسْتَغفِري ».