وقال عطاء عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهم : إلى أن تنقطع قالة النَّاس، قال عكرمةٌ : تِسْع سِنينَ، وقال الكلبيُّ : خمس سنين.
قال السديُّك وذلك أنَّ المرأة قالت لزوجها : إنَّ هذا العبرانيَّ قد فَضحَنِي في الناس؛ يُخْبرهم بأنِّي رَاودْتُه عن نفسه، فإمَّا أن تأذن لي أن أخرج، فأعتذرَ إلى الناسِ، وإما أن تحبسه، فحبسه.
قال ابنُ عبَّاس عَثرَ يُوسفُ ثلاثَ عثراتٍ : حِينَ هَمَّ بها؛ فسُجِنَ، وحين قال :﴿ اذكرني عِندَ رَبِّكَ ﴾ [ يوسف : ٤٢ ] ؛ ﴿ فَلَبِثَ فِي السجن بِضْعَ سِنِينَ ﴾ [ يوسف : ٤٢ ]، وحين قال لإخوته :﴿ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴾ [ يوسف : ٧٠ ] ؛ ﴿ قالوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ [ يوسف : ٧٧ ].
قوله :﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانَ ﴾ يوسف : ٣٦ ] قيل : هما غُلامانِ للملك الأكبر بمصر :
أحدهما : خَبَّازٌ، صاحبُ طعامه.
والآخر : صاحبُ شَرابه، غضب الملكُ عليهما فحَبسَهُما.
قوله :« قَالَ أحَدهُمَا » : مُسْتأنفٌ لا محلَّ له، ولا يجوز أن يكون حالاً؛ لأنهما لم يقولا ذلك حال الدُّخولِ، ولا جائزٌ أن تكون مقدَّرة؛ لأنَّ الدخول لا يَئُولُ إلى الرؤيا، و « إنِّي » وما في حيِّزه : في محل نصبٍ بالقول.
و « أَرَانِي » : مُتعدِّيةٌ لمفعولين عند بعضهم؛ إجراءً للحلمية مجرى العلمية؛ فتكون الجملة من قوله :« أعْصِرُ » في محلِّ المفعول الثاني، ومن منع، كانت عنده في محلِّ الحالِ.
وجرت الحلمية مجرى العلمية أيضاً في اتحاد فاعلها، ومفعولها ضميرين متَّصلين؛ ومنه الآيةٌ الكريمةُ؛ فإنَّ الفاعل المفعول مُتَّحدانِ في المعنى؛ إذ هما للمتكلِّم، وهما ضميران متصلان، ومثله : رأيتك في المنام قائماً، وزيدٌ رآه قائماً، ولا للمتكلِّم، وهما ضميران متصلان، ومثله : رأيتك في المنام قائماً، وزيدٌ رآه قائماًن ولا يجوزُ ذلك في غير ما ذكر.
لا تقول :« أكْرَمتُنِي »، ولا « أكرمتَك »، ولا « زيدٌ أكْرمَهُ » ؛ فإ، أردت بذلك، قل : أكْرمْتُ نَفْسِي، أو إيَّاي ونفسكَ، أوْ [ أكْرَمْتَ ] إيَّاك ونفسهُ، وقَدْ تقدَّم تحقيق ذلك.
وإذا دخلت همزةٌ النقل على هذه الحلمية، تعدت لثالثٍ، وتقدم هذا في قوله تعالى :﴿ إِذْ يُرِيكَهُمُ الله فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً ﴾ [ الأنفال : ٤٢ ].
والخَمْرُ : العِنَبُ، أطلق عليه ذلك؛ مجازاً؛ لأنه آيلٌ إليه؛ كما يطلق الشيء على الشيء؛ باعتبار ما كان عليه؛ كقوله ﴿ وَآتُواْ اليتامى ﴾ [ النساء : ٢ ]، ومجاز هذا أقربُ، وقيل : بل الخَمْرُ : العِنَبُ حقيقةً في لغةِ غسَّانٍ، وإزْدِ عمان.
وعن المُعْتَمر : لقيتُ أعْرابياً حاملاً عنباً في وعاءٍ، فقلتُ : ما تحمل؟ قال : خَمْراً.