الثاني : لو سلَّتهُم علينا، لاستوجبُوا العقاب الشَّديد في الآخرة، وذلك يكون فتنة لهم.
الثالث : أنَّ المراد بالفتنة المفتُون؛ لأنَّ إطلاق لفظ المصدر على المفعول جائز، كالخلق بمعنى المخلوق والتقدير : لا تَجٍْعلْنا مفْتُونين بأنَّ ييقهَرُونا بالظُّلْمِ على أن ننصرف من هذا الدِّين الذي قبلناهُ، ويؤكِّد هذا قوله :﴿ فَمَآ آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ على خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ﴾ [ يونس : ٨٣ ] وأمَّا المطلوبُ الثاني، فهو قوله :﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القوم الكافرين ﴾.
وهذا يدلُّ على أنَّ اهتمامهم بأمر دينهم كان فوق اهتمامهم بأمر دنياهم؛ لأنَّا إذا حملنا قولهم :﴿ لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظالمين ﴾ [ يونس : ٨٥ ]، على تسليط الكفَّار عليهم وصيروة ذلك التسليط شبهة للكفار في أنَّ هذا الدِّين باطلٌ، فتضرعوا إلى الله - تعالى - في صون الكُفَّار عن هذه الشُّبهة، وتقديم هذا الدُّعاء على طلب النَّجاة لأنفسهم، وذلك يدل على أن اهتمامهُم بمصالح أديانهم فوق اهتمامهم بمصالح أبدانهم.


الصفحة التالية
Icon